للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ - وَسُئِلَ: أَيُّهُمَا كَانَ أَعْلَمَ بِالحَدِيْثِ، ابْنُ المَدِيْنِيِّ، أَوِ الشَّاذَكُوْنِيُّ -؟

قَالَ: ابْنُ الشَّاذَكُوْنِيِّ بِصَغِيْرِ الحَدِيْثِ، وَعَلِيٌّ بِجَلِيْلِهِ (١) .

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: انْتَهَى العِلْمُ إِلَى أَرْبَعَةٍ -يَعْنِي: عِلْمَ الحَدِيْثِ-: إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَأَحْمَدُ: أَفْقَهُهُم بِهِ، وَعَلِيٌّ: أَعْلَمُهُم بِهِ، وَابْنُ مَعِيْنٍ: أَجْمَعُهُم لَهُ، وَأَبُو بَكْرٍ: أَحْفَظُهُم لَهُ.

قَالَ الحَافِظُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: وَهِمَ أَبُو عُبَيْدٍ، أَحْفَظُهُم لَهُ الشَّاذَكُوْنِيُّ (٢) .

قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الأَسْوَدِ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى القَطَّانِ، وَعِنْدَهُ بُلبُلٌ المُحَدِّثُ - وَكَانَ أَسْوَدَ - فَنَازَعَهُ الشَّاذَكُوْنِيُّ، وَقَالَ: لأَقْتُلَنَّكَ.

فَقَالَ يَحْيَى: سُبْحَانَ اللهِ، تَقْتُلُهُ؟!

قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ حَدَّثَتْنِي عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْلاَ أَنَّ الكِلاَبَ أُمَّةٌ، لأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا، فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيْمٍ (٣)) ، وَهَذَا أَسْوَدُ.

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَأَلْتُ عَبْدَانَ عَنِ الشَّاذَكُوْنِيِّ، فَقَالَ:

مَعَاذَ اللهِ أَنْ يُتَّهَمَ، إِنَّمَا كَانَ قَدْ ذَهَبَتْ كُتُبهُ، فَكَانَ يُحَدِّثُ حِفْظاً (٤) .

وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا احْتُضِرَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ، غَيْرَ أَنِّي مَا قَذَفتُ


(١) " تاريخ بغداد " ٩ / ٤١.
(٢) " تاريخ بغداد " ٩ / ٤٢.
(٣) صحيح، وأخرجه أحمد ٥ / ٥٤ و٥٦، والدارمي ٢ / ٩٠ من طرق عن عوف بن أبي جميلة بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد ٥ / ٥٦، ٥٧، وأبو داود (٢٨٤٥) ، والترمذي (١٤٨٦) ، وابن ماجه (٣٢٠٥) ، والنسائي ٧ / ١٨٥ من طرق عن يونس بن عبيد، عن الحسن. وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٤) " الكامل " لابن عدي لوحة ٣٢٥.