للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحُسْنِ أُسْلُوْبهِ.

أَلَّفَ (الحَمَاسَةَ) ، فَدَلَّتْ عَلَى غَزَارَةِ مَعْرِفَتِهِ بِحُسْنِ اخْتِيَارهِ، وَلَهُ كِتَابُ (فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ) .

وَقِيْلَ: كَانَ يَحْفَظُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أُرْجُوْزَةٍ لِلْعَرَبِ.

وَقِيْلَ: أَجَازَهُ أَبُو دُلَفٍ بِخَمْسِيْنَ أَلفَ دِرْهَمٍ، وَاعْتَذَرَ.

وَلهُ فِي المُعْتَصِمِ - أَوِ ابْنِهِ -:

إِقْدَامُ عَمْرٍو فِي سَمَاحَةِ حَاتِمٍ ... فِي حُلْمِ أَحْنَفَ، فِي ذَكَاءِ إِيَاسِ (١)

فَقَالَ الوَزِيْرُ: شَبَّهتَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ بِأَجْلاَفِ العَرَبِ.

فَأَطْرَقَ، ثُمَّ زَادَهَا:

لاَ تُنْكِرُوا ضَرْبِي لَهُ مَنْ دُوْنَهُ ... مَثَلاً شَرُوداً فِي النَّدَى وَالْبَاسِ

فَاللهُ قَدْ ضَرَبَ الأَقَلَّ لِنُوْرِهِ ... مَثَلاً مِنَ المِشْكَاةِ وَالنِّبْرَاسِ (٢)

فَقَالَ الوَزِيْرُ: أَعْطِهِ مَا شَاءَ، فَإِنَّهُ لاَ يَعِيْشُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً؛ لأَنَّهُ قَدْ


(١) عمرو: هو ابن معد يكرب.
وإياس: يعني به إياس بن معاوية، كان قاضيا
بالبصرة، يوصف بالذكاء، وكان من قوم يظنون الشئ، فيكون كما يظنون، حتى شهر أمرهم في ذلك.
(٢) الابيات الثلاثة في " ديوانه " ٢ / ٢٤٩، ٢٥٠ من قصيدة يمدح بها أحمد بن المعتصم، ومطلعها: ما في وقوفك ساعة من باس * تقضي ذمام الأربع الادراس وعدة أبياتها أربع وثلاثون بيتا.
وقد قال التبريزي في شرح البيت الأخير: أي لا تنكروا قولي إقدامه كإقدام عمرو، وهو أشجع منه، وذكاؤه كذكاء إياس، وهو أذكى منه، لان الله تعالى قد شبه نوره بما هو أقل منه، إذ كان المشبه به من أبلغ ما يعرفه الناس ضوءا، فقال: (مثل نوره كمشكاة) ، وهي الكوة ليست بنافذة، والنبراس: المصباح.
وكان أبو تمام أنشد أحمد بن المعتصم هذه القصيدة، وليس فيها هذان البيتان، فقال يعقوب بن إسحاق الكندي - وكان يخدم أحمد: الأمير أكبر في كل شيء مما شبهته به، فعمل هذين البيتين، وزادهما في القصيدة من وقته، فعجب أحمد وجميع من حضره من فطنته وذكائه، وأضعف جائزته.
والابيات الثلاثة في " وفيات الأعيان " ٢ / ١٥، و" البداية والنهاية " ١٠ / ٣٠٠.
وأورد الخبر ابن العماد في " الشذرات " ٢ / ٧٤ فذكر البيت الأول، ونثر البيتين الاخيرين نثرا.