للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَ أَنْ مَدُّوا لَهُ رَأْسَهُ بِحَبلٍ وَهُوَ مُقَيَّدٌ، وَنُصِبَ رَأْسُهُ بِالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَتُتُبِّعَ أَصْحَابُهُ، فَسُجِنُوا.

قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَرْبِيُّ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّائِغَ يَقُوْلُ:

رَأَيْتُ أَحْمَدَ بنَ نَصْرٍ حِيْنَ قُتِلَ قَالَ رَأْسُهُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.

قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ ذَكَرَ أَحْمَدَ بنَ نَصْرٍ، فَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ، لَقَدْ جَادَ بِنَفْسِهِ.

وَعُلِّقَ فِي أُذُنِ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ وَرَقَةٌ فِيْهَا: هَذَا رَأْسُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ، دَعَاهُ الإِمَامُ هَارُوْنُ إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، وَنَفْيِ التَّشبِيهِ، فَأَبَى إِلاَّ المُعَانَدَةَ، فَعَجَّلَهُ اللهُ إِلَى نَارِهِ.

وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ.

وَقِيْلَ: حَنِقَ عَلَيْهِ الوَاثِقُ؛ لأَنَّهُ ذَكَرَ لِلْوَاثِقِ حَدِيْثاً، فَقَالَ: تَكْذِبُ؟!

فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ تَكذِبُ.

وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا صَبِيُّ، وَيَقُوْلُ فِي خَلوَتِهِ عَنِ الوَاثِقِ: فَعَلَ هَذَا الخِنْزِيرُ.

ثُمَّ إِنَّ الوَاثِقَ خَافَ مِنْ خُرُوْجِهِ، فَقَتَلَهُ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.

وَنُقِلَ عَنِ المُوَكَّلِ بِالرَّأْسِ: أَنَّهُ سَمِعَهُ فِي اللَّيْلِ يَقْرَأُ: {يس} .

وَصَحَّ: أَنَّهُم أَقعَدُوا رَجُلاً بِقَصَبَةٍ (١) ، فَكَانَتِ الرِّيْحُ تُدِيْرُ الرَّأْسَ إِلَى القِبْلَةِ، فَيُدِيرُهُ الرَّجُلُ.

قَالَ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ خَلَفَ بنَ سَالِمٍ يَقُوْلُ بَعْدَ مَا قُتِلَ ابْنُ نَصْرٍ، وَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا النَّاسُ فِيْهِ يَقُوْلُوْنَ: إِنَّ رَأْسَ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ يَقْرَأُ؟!

فَقَالَ: كَانَ رَأْسُ يَحْيَى يَقْرَأُ.

وَقِيْلَ: رُئِيَ فِي النَّوْمِ، فَقِيْلَ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟

قَالَ: مَا كَانَتْ إِلاَّ غَفْوَةً حَتَّى لَقِيتُ اللهَ، فَضَحِكَ إِلَيَّ.

وَقِيْلَ: إِنَّه


(١) الخبر في " تاريخ بغداد " ٥ / ١٧٩، وفيه: فأقعدوا له رجلا معه قصبة أو رمح ...