وَعَنْ رَجُلٍ، قَالَ: عِنْدنَا بِخُرَاسَانَ يَظُنُّوْنَ أَنَّ أَحْمَدَ لاَ يُشبهُ البَشَرَ، يَظُنُّوْنَ أَنَّهُ مِنَ المَلاَئِكَةِ.
وَقَالَ آخَرُ: نَظْرَةٌ عِنْدنَا مِنْ أَحْمَدَ تَعدِلُ عِبَادَةَ سَنَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا غُلُوٌّ لاَ يَنْبَغِي، لَكِنَّ البَاعثَ لَهُ حُبُّ وَلِيِّ اللهِ فِي اللهِ.
قَالَ المَرُّوْذِيُّ: رَأَيْتُ طَبِيباً نَصرَانيّاً خَرَجَ مِن عِنْدِ أَحْمَدَ وَمَعَهُ رَاهِبٌ، فَقَالَ: إِنَّهُ سَأَلَنِي أَنْ يَجِيْءَ مَعِي لِيَرَى أَبَا عَبْدِ اللهِ.
وَأَدخلتُ نَصرَانيّاً عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي لأَشتَهِي أَنْ أَرَاك مُنْذُ سِنِيْنَ، مَا بَقَاؤكَ صلاَحٌ لِلإِسْلاَمِ وَحدَهُم، بَلْ لِلْخَلقِ جَمِيْعاً، وَلَيْسَ مِنْ أَصْحَابنَا أَحَدٌ إِلاَّ وَقَدْ رَضِيَ بِكَ.
فَقُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: إِنِّي لأَرجُو أَنْ يَكُوْنَ يُدعَى لَكَ فِي جَمِيْعِ الأَمْصَارِ.
فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ نَفْسَه، فَمَا يَنْفَعُه كَلاَمُ النَّاسِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: خَرَجَ أَبِي إِلَى طَرَسُوْسَ مَاشِياً، وَحَجَّ حَجَّتينِ أَوْ ثَلاَثاً مَاشِياً، وَكَانَ أَصْبَرَ النَّاسِ عَلَى الوحدَةِ، وَبِشْرٌ لَمْ يَكُنْ يَصبرُ عَلَى الوحدَةِ، كَانَ يَخْرُجُ إِلَى ذَا وَإِلَى ذَا.
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي فَزَارَةَ (١) - جَارُنَا - قَالَ:
كَانَتْ أُمِّي مُقْعَدَةً مِنْ نَحْوِ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَقَالَتْ لِي يَوْماً: اذهَبْ إِلَى أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَسَلْهُ أَنْ يَدعُوَ لِي.
فَأَتيتُ، فَدققتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي دِهليزِه، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
قُلْتُ: رَجُلٌ سَأَلَتْنِي أُمِّي - وَهِيَ مُقَعْدَةٌ - أَنْ أَسْأَلكَ الدُّعَاءَ.
فَسَمِعْتُ كَلاَمَه كَلاَمَ رَجُلٍ مُغْضَبٍ، فَقَالَ: نَحْنُ أَحْوَجُ أَنْ تَدعُوَ اللهَ لَنَا.
فَوَلَّيْتُ مُنْصَرِفاً، فَخَرَجَتْ عَجُوْزٌ، فَقَالَتْ: قَدْ تَركتُه يَدعُو لَهَا. فَجِئتُ إِلَى بَيتِنَا،
(١) كذا في الأصل، وعلى هامشه " حزارة " خ.