فَلَمَّا رَجَعَ الشَّافِعِيُّ إِلَى مَجْلِسِهِ، وَرَأَى أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ مِنْ أَمثَلِهِم، كَلَّمَه فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: تَهَيَّأْ حَتَّى أُدْخِلَكَ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ لأَقتَبِسَ مِنْكَ العِلْمَ، وَتَأْمُرُنِي أَنْ أَدْخُلَ فِي القَضَاءِ!
وَوبَّخَهُ، فَاسْتَحْيَا الشَّافِعِيُّ.
قُلْتُ: إِسْنَادُه مُظلِمٌ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: قِيْلَ: كَانَ هَذَا فِي زَمَانِ الأَمِيْنِ.
وَأَخْبَرْنَا ابْنُ نَاصِرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِر بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ، أَخْبَرَنَا الخَلاَّلُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا الأَثْرَمُ، قَالَ:
أُخبِرْتُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ -يَعْنِي مُحَمَّداً- سَأَلَنِي أَنَّ أَلتَمِسَ لَهُ قَاضِياً لِليَمَنِ، وَأَنْت تُحِبُّ الخُرُوجَ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَقَدْ نِلتَ حَاجَتَكَ، وَتَقْضِي بِالْحَقِّ.
فَقَالَ لِلشَّافِعِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْكَ ثَانيَةً، لَمْ تَرَنِي عِنْدَكَ.
فَظننتُ أَنَّهُ كَانَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، أَوْ سَبْعاً وَعِشْرِيْنَ.
الصَّنْدَلِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ:
أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ كَثِيْراً عِنْدَ مُحَمَّدِ ابْنِ زُبَيْدَةَ -يَعْنِي: الأَمِيْنَ- فَذَكَرَ لَهُ مُحَمَّدٌ يَوْماً اغتمَامَه بِرجلٍ يَصلُحُ لِلْقَضَاءِ صَاحِبِ سُنَّةٍ.
قَالَ: قَدْ وَجدتَ.
قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟
فَذَكَرَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ.
قَالَ: فَلَقِيَهُ أَحْمَدُ، فَقَالَ: أَخْمِلْ هَذَا، وَاعفنِي، وَإِلاَّ خَرَجتُ مِنَ البَلدِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: كتبَ إِلَيَّ إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه:
إِنَّ الأَمِيْرَ عَبْدَ اللهِ بنَ طَاهِرٍ وَجَّهَ إِلَيَّ، فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ وَفِي يَدِي كِتَابُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قُلْتُ: كِتَابُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
فَأَخذَه وَقرَأهُ، وَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّه،