للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:

وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوتُ مِنْ هَذَا الأَمْرِ كَفَافاً، لاَ عَلِيَّ وَلاَ لِيَ.

وَعَنِ المَرُّوْذِيِّ، قَالَ: أَدْخلتُ إِبْرَاهِيْمَ الحُصْرِيَّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ - وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً - فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي رَأَتْ لَكَ مَنَاماً، هُوَ كَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَتِ الجَنَّةَ.

فَقَالَ: يَا أَخِي، إِنَّ سَهْلَ بنَ سَلاَمَةَ كَانَ النَّاسُ يُخْبرُونَه بِمِثلِ هَذَا، وَخَرَجَ إِلَى سَفكِ الدِّمَاءِ، وَقَالَ: الرُّؤيَا تَسُرُّ المُؤْمِنَ وَلاَ تَغُرُّهُ.

قَالَ المَرُّوْذِيُّ: بَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي مَرَضِ المَوْتِ دَماً عَبِيطاً، فَأَرَيْتُه الطَّبِيْبَ، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ قَدْ فَتَّتَ الغَمُّ - أَوِ الخَوْفُ - جَوفَه.

وَرُوِيَ عَنِ المَرُّوْذِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟

قَالَ: كَيْفَ أَصْبَحَ مَنْ رَبُّهُ يُطَالِبُهُ بِأَدَاءِ الفَرَائِضِ، وَنَبِيُّهُ يُطَالِبُهُ بِأَدَاءِ السُّنَّةِ، وَالمَلَكَانِ يَطْلُبَانِهِ بِتَصْحِيْحِ العَمَلِ، وَنَفْسُهُ تُطَالِبُهُ بِهَوَاهَا، وَإِبْلِيْسُ يُطَالِبُهُ بِالفَحْشَاءِ، وَمَلَكُ المَوْتِ يُرَاقِبُ قَبْضَ رُوْحِهِ، وَعِيَالُهُ يُطَالِبُوْنَهُ بِالنَّفَقَةِ؟!

الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنَا المَرُّوْذِيُّ، قَالَ:

مَرَرْتُ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُتَوَكِّئٌ عَلَى يَدِي، فَاسْتقبلَتْنَا امْرَأَةٌ بِيَدِهَا طُنُبورٌ، فَأَخَذْتُه، فَكَسَرتُه، وَجَعَلتُ أَدُوسُه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ وَاقفٌ مُنَكِّسُ الرَّأْسِ.

فَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً، وَانتشرَ أَمرُ الطُّنبورِ.

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَا عَلِمتُ أَنَّكَ كَسرتَ طُنُبوراً إِلَى السَّاعَةِ.

قَالَ المَيْمُوْنِيُّ: قَالَ لِي القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ الشَّافِعِيُّ:

قَالَ لِي أَحْمَدُ: أَبوكَ أَحَدُ السِّتَّةِ الَّذِيْنَ أَدعُو لَهُم سَحَراً.

وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، قَالَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ حَيْثُ تَوَارَى مِنَ السُّلْطَانِ عِنْدِي ... ، وَذَكَرَ مِنْ اجْتِهَادِه فِي العِبَادَةِ أَمراً عَجباً.

قَالَ: وَكُنْتُ لاَ أَقوَى مَعَهُ عَلَى العِبَادَةِ، وَأَفْطَرَ يَوْماً وَاحِداً، وَاحْتَجَمَ.