للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنِ مَسْعُوْدٍ: (مَا خَلَقَ اللهُ مِنْ جَنَّةٍ وَلاَ نَارٍ وَلاَ سَمَاءٍ وَلاَ أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الكُرْسِيِّ (١)) .

فَقُلْتُ: إِنَّمَا وَقَعَ الخَلْقُ عَلَى الجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالسَّمَاءِ وَالأرضِ، وَلَمْ يَقَعْ عَلَى القُرْآنِ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيْث خَبَّابٍ: (يَا هَنَتَاهُ، تَقَرَّبْ إِلَى اللهِ بِمَا اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّكَ لَنْ تَتَقَّربَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلاَمِهِ (٢)) .

فَقُلْتُ: هَكَذَا هُوَ.

قَالَ صَالِحٌ: وَجَعَلَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ يَنْظُرُ إِلَى أَبِي كَالمُغْضَبِ.

قَالَ أَبِي: وَكَانَ يَتَكَلَّمُ هَذَا، فَأَرُدُّ عَلَيْهِ، وَيَتَكَلَّمُ هَذَا، فَأَرُدُّ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَطَعَ الرَّجُلُ مِنْهُم، اعترضَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ، فَيَقُوْلُ:

يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هُوَ -وَاللهِ- ضَالٌّ مُضِلٌّ مُبْتَدِعٌ!

فَيَقُوْلُ: كَلِّمُوهُ، نَاظِروهُ.

فَيكلِّمُنِي هَذَا، فَأردُّ عَلَيْهِ، وَيكلُّمنِي هَذَا، فَأردُّ عَلَيْهِ، فَإذَا انقطَعوا، يَقُوْلُ المُعْتَصِمُ: وَيْحَكَ يَا أَحْمَدُ! مَا تَقُوْلُ؟

فَأَقُوْلُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَعطُونِي شَيْئاً مِنْ كِتَابِ اللهِ


= عرشه على الماء، عن عمران بن حصين، قال: دخلت على النبي، صلى الله عليه وسلم، وعقلت ناقتي بالباب، فإذا ناس من بني تميم، فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم.
قالوا: قد بشرتنا، فأعطنا مرتين.
ثم دخل عليه ناس من اليمن، فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم.
قالوا: قبلنا، جئناك لنتفقه في الدين، ونسألك عن أول هذا الامر ما كان؟ قال: كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والارض ".
(١) ذكره السيوطي في " الدر المنثور " ١ / ٣٢٣، ونسبه إلى أبي عبيد، وابن الضريس، ومحمد بن نصر، بلفظ: " ما خلق الله من سماء، ولا أرض ولا جنة ولا نار أعظم من آية في سورة البقرة: الله لا إله إلا هو الحي القيوم "، وأخرجه سعيد بن منصور، وابن الضريس، والبيهقي في " الأسماء والصفات " عن ابن مسعود، قال: " ما من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي ".
(٢) أخرجه الآجري في " الشريعة " ص: ٧٧، من طريق أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا داود بن رشيد، حدثنا أبو حفص الابار، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن فروة (وقد تحرف فيه إلى قرة) بن نوفل، قال: أخذ خباب بن الارت، رضي الله عنه، بيدي، فقال: يا هناه! تقرب إلى الله عزوجل بما استطعت، فإنك لست تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه.
وسنده صحيح.