للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَيْءٌ، فَقُلْتُ لِلْموكَّلِ بِي: أُرِيْدُ (١) خيطاً.

فَجَاءنِي بخيطٍ، فشددتُ بِهِ الأقيَادَ، وَرددتُ التِّكَّةَ إِلَى سَرَاويلِي مَخَافَةَ أَنْ يَحْدُثَ مِنْ أمرِي شَيْءٌ، فَأتعرَّى.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، أُدخلتُ إِلَى الدَّارِ، فَإذَا هِيَ غَاصَّةٌ، فَجَعَلتُ أُدْخَلُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ، وَقَوْمٌ مَعَهُمُ السُّيوفُ، وَقَوْمٌ مَعَهُمُ السِّيَاطُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَلَمْ يَكُنْ فِي اليَومِيْنِ المَاضيينِ كَبِيْرُ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: اقعدْ.

ثُمَّ قَالَ: نَاظِروهُ، كَلِّمُوهُ.

فَجَعَلُوا يُنَاظرُونِي، يَتَكَلَّمُ هَذَا، فَأردُّ عَلَيْهِ، وَيَتَكَلَّمُ هَذَا، فَأردُّ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ صوتِي يعلُو أصوَاتَهُم.

فَجَعَلَ بَعْضُ مَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأسِي (٢) يُوْمئُ إِلَيَّ بِيَدِهِ، فَلَمَّا طَالَ المَجْلِسُ، نَحَّانِي، ثُمَّ خَلاَ بِهِم، ثُمَّ نَحَّاهُم، وَردَّنِي إِلَى عِنْدِهِ، وَقَالَ: وَيْحَك يَا أَحْمَدُ! أَجبنِي حَتَّى أُطلقَ عَنْكَ بِيَدِي.

فرددتُ عَلَيْهِ نَحْوَ ردِّي، فَقَالَ: عَلَيْكَ.. - وَذَكَرَ اللَّعنَ - خُذوهُ، اسحبُوهُ، خَلِّعُوهُ.

فسُحبتُ، وَخُلعتُ.

قَالَ: وَقَدْ كَانَ صَارَ إِلَيَّ شعرٌ مِنْ شعرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كمِّ قَمِيصِي، فَوجَّهَ إِلَيَّ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: مَا هَذَا المصرورُ؟

قُلْتُ: شَعْرٌ مِنْ شعرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسعَى بَعْضهُم ليخرقَ القمِيصَ عَنِّي.

فَقَالَ المُعْتَصِمُ: لاَ تَخرقُوهُ.

فَنُزعَ، فَظننتُ أَنَّهُ إِنَّمَا دُرِئَ عَنِ القمِيصِ الخَرْقُ بِالشّعرِ.

قَالَ: وَجَلَسَ المُعْتَصِمُ عَلَى كُرْسِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: العُقَابَيْنِ (٣) وَالسِّيَاطُ.

فَجِيْءَ بِالعقَابينِ، فَمُدَّتْ يَدَايَ، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ خَلْفِي: خُذْ نَاتِئَ (٤) الخَشبتَينِ بِيَديكَ، وَشُدَّ عَلَيْهِمَا.

فلمْ أَفهَمْ مَا قَالَ، فَتخلَّعتْ يَدَاي.


(١) صحفت في " تاريخ الإسلام " إلى " ارتد " وأتبعت ب " إلى ".
(٢) في " تاريخ الإسلام ": " رأسه ".
(٣) وهما خشبتان يشق الرجل بينهما الجلد.
(٤) صحفت في " تاريخ الإسلام إلى " ناي ".