للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنْ يَزِيْدَ فِي نِيَّتِه، وَأَنْ يُعِينَه عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ.

فَقَدْ ذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لاَ تَضرِبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، فَإِنَّهُ يُوقِعُ الشَّكَّ فِي قُلُوْبِكُم.

وَذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّ نَفَراً كَانُوا جُلُوْساً بِبَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ بَعْضُهُم: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ (١) كَذَا؟

وَقَالَ بَعْضُهُم: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ كَذَا؟

فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَخَرَجَ كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ، فَقَالَ: (أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؟ إِنَّمَا ضَلَّتِ الأُمَمُ قَبْلَكُم فِي مِثْلِ هَذَا، إِنَّكُم لَسْتُمْ مِمَّا هَا هُنَا فِي شَيْءٍ (٢) ، انْظُرُوا الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ، فَاعْمَلُوا بِهِ، وَانْظُرُوا الَّذِي نُهِيْتُم عَنْهُ، فَانْتَهُوا عَنْهُ (٣)) .

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مِرَاءٌ فِي القُرْآنِ كُفْرٌ) (٤) .


(١) الزيادة من " تاريخ الإسلام ".
(٢) الزيادة من " تاريخ الإسلام " و" الحلية ".
(٣) إسناده حسن، وهو في " المسند " ٢ / ١٩٥ و١١٨ و١٩٦، وابن ماجة (٨٥) .
(٤) أخرجه أحمد ٢ / ٢٨٦ و٣٠٠ و٤٢٤ و٤٧٥ و٥٠٣ و٥٢٨، وأبو داود (٤٦٠٣) في السنة: باب النهي عن الجدال في القرآن، وسنده حسن، وصححه ابن حبان (٧٣) ، والحاكم ٢ / ٢٢٣، ووافقه الذهبي المؤلف.
واختلفوا في تأويل هذا الحديث، فقيل: معنى المراء: الشك، كقوله سبحانه وتعالى: (فلا تك في مرية) ، أي: في شك.
وقيل المراء: هو الجدال المشكك، وذلك أنه إذا جادل فيه، أداه إلى ما يرتاب في الآي المتشابهة منه، فيؤديه ذلك إلى الجحود فسماه كفرا باسم ما يخشى من عاقبته، إلا من عصمه الله.
ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات برد المتشابهات إلى المحكمات، والجمع بين المختلفات ظاهرا ما أمكنه، فإن القرآن يصدق بعضه بعضا، فإن أشكل عليه شيء من ذلك، ولم يتيسر له التوفيق، فليعتقد أنه من سوء فهمه، وليكله إلى عالمه، وهو الله ورسوله.
وتأوله بعضهم على المراء في قراءته، وهو أن ينكر بعض القراءات المروية، وقد أنزل الله القرآن على سبعة أحرف، فتوعدهم بالكفر لينتهوا عن المراء فيها، والتكذيب بها، إذ كلها قرآن منزل يجب الايمان به، ويشهد لهذا التفسير حديث أبي جهيم الآتي.
وقيل: إنما جاء هذا في الجدال بالقرآن من الآي التي فيها ذكر القدر والوعيد وما كان في معناهما على مذهب أهل الكلام والجدل، دون ماكان منها في الاحكام وأبواب الاباحة
والتحريم، فإن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد تنازعوها فيما بينهم، وتحاجوا بها عند اختلافهم =