وربما كان ذلك مدعاة للمؤلف أن يطعن في صحة نسبتها إلى الامام أحمد. ونص كلام المؤلف في " تاريخ الإسلام ": " ... قلت: رواة هذه الرسالة عن أحمد أئمة أثبات، أشهد بالله أنه أملاها على ولده، وأما غيرها من الرسائل المنسوبة إليه كرسالة الاصطخري، ففيها نظر. والله أعلم ". (١) يرى الذهبي المؤلف أن كتاب " الرد على الجهمية " موضوع على الامام أحمد. وقد شكك أيضا في نسبة هذا الكتاب إلى الامام أحمد بعض المعاصرين في تعليقه على " الاختلاف في اللفظ، والرد على الجهمية " لابن قتيبة. ومستنده أن في السند إليه مجهولا، فقد رواه أبو بكر غلام الخلال، عن الخلال، عن الخضر بن المثنى، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه ... والحضر بن المثنى هذا مجهول، والرواية عن مجهول مقدوح فيها، مطعون في سندها. وفيه ما يخالف ماكان عليه السلف من معتقد، ولا يتسق مع ما جاء عن الامام في غيره مما صح عنه وهذا هو الذي دعا الذهبي هنا إلى نفي نسبته إلى الامام أحمد ومع ذلك فإن غير واحد من العلماء قد صححوا نسبة هذا الكتاب إليه، ونقلوا عنه، وأفادوا منه، منهم القاضي أبو يعلى، وأبو الوفاء بن عقيل، والامام البيهقي، وابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وتوجد من الكتاب نسخة خطية في ظاهرية دمشق، ضمن مجموع رقم (١١٦) ، وهي تشتمل على نص " الرد على الجهمية " فقط، وهو نصف الكتاب، وعن هذا الأصل نشر الكتاب في الشام، بتحقيق الأستاذ محمد فهر الشقفة. ومما يؤكد أن هذا الكتاب ليس للامام أحمد أننا لانجد له ذكرا لدى أقرب الناس إلى الامام أحمد بن حنبل ممن عاصروه وجالسوه، أو أتوا بعده مباشرة وكتبوا في الموضوع ذاته كالامام البخاري ت ٢٥٦ هـ، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة ت ٢٧٦ هـ، وأبي سعيد الدارمي ت ٢٨٠. والامام أبو الحسن الأشعري قد ذكر عقيدة الامام أحمد في كتابه " مقالات الإسلاميين "، ولكنه لم يشر إلى هذا الكتاب مطلقا، ولم يستفد منه شيئا. (٢) يغلب على الظن أن يريد الرسالة الموسومة ب " الصلاة "، وقد طبعت في مصر بتحقيق حامد الفقي. وكثير من الأئمة الذين ينتمون إلى مذهب الامام أحمد بن حنبل ينقلون عنها، ويحتجون بما فيها.