للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ سَيُكَفِّرُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْد أَيَّامٍ، قُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَمْ يَنشَطْ لِلْكَفَّارَةِ، ثُمَّ لَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ عَلَى تَمَامِهِ.

قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ فِي العَسْكَرِ يَقُوْلُ لِولَدِهِ:

قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {أَوْفُوا بِالعُقُودِ} [المَائدَةُ: ١] ، أَتدرُوْنَ مَا العُقودُ؟ إِنَّمَا هُوَ العُهُوْدُ، وَإِنِّي أُعَاهدُ اللهَ - جلَّ وَعَزَّ -.

ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ، وَاللهِ، وَاللهِ، وَعَلَيَّ عَهدُ اللهِ (١) وَمِيثَاقُهُ أَنْ لاَ حَدَّثتُ بِحَدِيْثٍ لِقَرِيْبٍ وَلاَ لِبَعيدٍ حَدِيْثاً تَامّاً حَتَّى أَلقَى اللهَ.

ثُمَّ التَفَتَ إِلَى وَلدِهِ، وَقَالَ: وَإِنْ كَانَ هَذَا يَشتهِي مِنْهُ مَا يَشتهِي.

ثُمَّ بَلَغَهُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الدَّوْلَةِ - وَهُوَ ابْنُ أَكْثَمَ - أَنَّهُ قَالَ: قَدْ أَردتُ أَنْ يَأمرَهُ الخَلِيْفَةُ أَنْ يُكفِّرَ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَيُحَدِّثَ.

فَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الكَلاَمِ: لَوْ ضَربتَ ظَهرِي بِالسِّيَاطِ، مَا حَدَّثْتُ.

مِنْ تَوَاضُعِهِ:

الخَلاَّلُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ قَالَ:

رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَشترِي الخُبْزَ مِنَ السُّوْقِ، وَيَحملُهُ فِي الزَّنْبِيلِ، وَرَأَيْتُهُ يَشترِي البَاقِلاَّءَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَيَجْعَلُهُ فِي خِرقَةٍ، فَيحمِلُه آخذاً بِيَدِ عَبْدِ اللهِ ابْنِهِ.

الخَلاَّلُ: أَخْبَرَنَا المَرُّوْذِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: أَرَادَ ذَاكَ


(١) قال الراغب: العهد: هو حفظ الشئ ومراعاته، ومن ثم قيل للوثيقة عهدة.
ويطلق عهد الله: على ما فطر عليه عباده من الايمان به عند أخذ الميثاق، ويراد به أيضا ما أمر به في الكتاب والسنة مؤكدا، وما التزمه المرء من قبل نفسه كالنذر.
قال الحافظ في " الفتح " ١١ / ٤٧٤: وللعهد معان أخرى غير هذه كالامان والوفاء والوصية واليمين ورعاية الحرمة والمعرفة واللقاء عن قرب والزمان والذمة، وبعضها قد يتداخل، والله أعلم.
ونقل عن ابن المنذر أن من حلف بالعهد، فحنث، لزمه الكفارة، سواء نوى أم لا عند مالك والاوزاعي والكوفيين، وبه قال
الحسن والشعبي وطاووس وغيرهم، وبه قال أحمد.
وقال عطاء والشافعي وإسحاق وأبو عبيد: لا تكون يمينا إلا إن نوى.