للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القَاسِم البَغَوِيَّ، سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ القَوَارِيْرِيَّ يَقُوْلُ:

لَمْ تَكُنْ تَكَادُ تَفُوتُنِي صَلاَةُ العَتَمَةِ فِي جَمَاعَةٍ، فَنَزَلَ بِي ضَيْفٌ، فَشُغِلْتُ بِهِ، فَخَرَجتُ أَطْلُبُ الصَّلاَةَ فِي قَبَائِلِ البَصْرَةِ، فَإِذَا النَّاسُ قَدْ صَلَّوْا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي:

يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (صَلاَةُ الجَمِيْعِ تَفْضُلُ عَلَى صَلاَةِ الفَذِّ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ دَرَجَةً) .

وَرُوِيَ: (خَمْساً وَعِشْرِيْنَ دَرَجَةً) .

وَرُوِيَ: (سَبْعاً وَعِشْرِيْنَ) (١) .

فَانْقَلَبْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَصَلَّيْتُ العَتَمَةَ سَبْعاً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً، ثُمَّ رَقَدتُ، فَرَأَيْتُنِي مَعَ قَوْمٍ رَاكِبِي أَفْرَاسٍ، وَأَنَا رَاكِبٌ، وَنَحْنُ نَتَجَارَى وَأَفرَاسُهُم تَسبِقُ فَرَسِي، فَجَعَلتُ أَضرِبُه لأَلحَقَهُم، فَالتَفَتَ إِلَيَّ آخِرُهُم، فَقَالَ: لاَ تُجْهِدْ فَرَسَكَ، فَلَسْتَ بِلاَحِقِنَا.

قَالَ: فَقُلْتُ: وَلِمَ؟

قَالَ: لأَنَّا صَلَّيْنَا العَتَمَةَ فِي جَمَاعَةٍ.

وَبِهِ، قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ بنُ الغَزَّاءِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ جَعْفَرٍ العَطَّارُ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ الوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ الوَرْدِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي اليَمَانِ الحَارِثِيُّ، سَمِعْتُ حَفْصَ بنَ عَمْرٍو الرَّبَالِيَّ يَقُوْلُ:

رَأَيْتُ عُبَيْدَ اللهِ القَوَارِيْرِيَّ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: مَا صَنَعَ اللهُ بِكَ؟

فَقَالَ لِي: غَفَرَ لِي، وَعَاتَبَنِي.

وَقَالَ: يَا عُبَيْدَ اللهِ! أَخَذْتَ مِنْ هَؤُلاَءِ القَوْمِ؟

فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، أَنْتَ أَحْوَجْتَنِي إِلَيْهِم، وَلَوْ لَمْ تُحْوِجْنِي، لَمْ آخُذْ.

قَالَ: فَقَالَ لِي: إِذَا قَدِمُوا عَلَيْنَا، كَافَأْنَاهُم عَنْكَ.

ثُمَّ قَالَ لِي: أَمَا تَرضَى أَنْ كَتَبْتُكَ فِي أُمِّ الكِتَابِ سَعِيْداً؟!


(١) أخرجه مالك في " الموطأ " ١ / ١٢٩، والبخاري ٢ / ١١٠، ومسلم (٦٥٠) من حديث ابن عمر، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ".
وأخرجه مالك والبخاري ومسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: " بخمس وعشرين درجة "، وكذلك أخرجه البخاري ٢ / ١١٠، ١١٢ من حديث أبي سعيد.
أما رواية " إحدى وعشرين درجة "، فلم نقف عليها. وانظر " الفتح " ٢ / ١١٠، ١١١.