للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المَسْمُوْعُ المَتْلُوُّ المَلْفُوْظُ المَكْتُوْبُ فِي المَصَاحِفِ كَلاَمُ اللهِ، غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.

وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابَ (أَفْعَالِ العِبَادِ) مُجَلَّدٌ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ، وَمَا فَهِمُوا مَرَامَه كَالذُّهْلِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَعْيَنِ، وَغَيْرِهِم.

ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَقَالَةُ الكُلاَّبِيَّةِ، وَالأَشْعَرِيَّةِ، وَقَالُوا:

القُرْآنُ مَعْنَىً قَائِمٌ بِالنَّفْسِ، وَإِنَّمَا هَذَا المُنَزَّلُ حِكَايَتُه وَعِبَارَتُه ودَالٌّ عَلَيْهِ.

وَقَالُوا: هَذَا المَتْلُوُّ مَعْدُوْدٌ مُتَعَاقِبٌ، وَكَلاَمُ اللهِ -تَعَالَى- لاَ يَجُوْزُ عَلَيْهِ التَّعَاقُبُ، وَلاَ التَّعَدُّدُ، بَلْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، قَائِمٌ بِالذَّاتِ المُقَدَّسَةِ.

وَاتَّسَعَ المَقَالُ فِي ذَلِكَ، وَلَزِمَ مِنْهُ أُمُورٌ وَأَلوَانٌ، تَرْكُهَا -وَاللهِ- مِنْ حُسْنِ الإِيْمَانِ - وَبِاللهِ نَتَأَيَّدُ -.

وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.

كُتِبَ عَنْهُ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ (١) وَمائَةٌ بِالحَرَمَيْنِ وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ وَخُرَاسَانَ.

وَلَمْ يَلقَ مَالِكَ بنَ أَنَسٍ، فَاتَهُ هُوَ وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، وَكَانَ يَسْمَعُ فِي حَيَاتِهِمَا بِالْكُوْفَةِ وَغَيْرِهَا.

وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ مُفِيْدَةٌ، مِنْهَا: كِتَابُ (أَحْكَامِ القُرْآنِ) .

قَالَ أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ المُسْتَمْلِي: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أُورْمَةَ الحَافِظُ: كَتَبَ عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ إِلَى بَعْضِ إِخْوَانِه:

أَحِنُّ إِلَى كِتَابِكَ غَيْرَ أَنِّي ... أَجِلُّكَ عَنْ عِتَابٍ فِي كِتَابِ

وَنَحْنُ إِنِ التَقَيْنَا قَبْلَ مَوْتٍ ... شَفَيْتُ غَلِيلَ صَدْرِي مِنْ عِتَابِي

وَإِنْ سَبَقَتْ بِنَا ذَاتُ المنَايَا ... فَكَمْ مِنْ غَائِبٍ تَحْتَ التُّرَابِ (٢)


(١) في الأصل: " وسبعين "، وهو خطأ.
(٢) الابيات في " تهذيب الكمال "، ورقة: ٩٦١، وفي " تاريخ بغداد " ١١ / ٤١٧.