للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ: حَدَّثَنَا أَبُو العَيْنَاءِ، قَالَ:

أَنَا وَالجَاحِظُ وَضْعَنَا حَدِيْث فَدَكٍ (١) ، فَأَدخَلنَاهُ عَلَى الشُّيُوْخِ بِبَغْدَادَ، فَقَلَبُوهُ إِلاَّ ابْنَ شَيْبَةَ العَلَوِيَّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لاَ يُشبِه آخِرُ هَذَا الحَدِيْث أَوَّلَه.

ثُمَّ قَالَ الصَّفَّارُ: كَانَ أَبُو العَيْنَاءِ يُحَدِّثُ بِهَذَا بَعْدَ مَا تَابَ.

قِيْلِ لِلْجَاحِظِ: كَيْفَ حَالُكَ؟

قَالَ: يَتَكَلَّمُ الوَزِيْرُ بِرَأْيِي، وَصِلاَتُ الخَلِيْفَةِ مُتَوَاتِرَةٌ إِلَيَّ، وَآكُلُ مِنَ الطَّيْرِ أَسْمَنَهَا، وَأَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ أَلْيَنَهَا، وَأَنَا صَابِرٌ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِالفَرَجِ.

قِيْلَ: بَلِ الفَرَجُ مَا أَنْتَ فِيْهِ.

قَالَ: بَلْ أُحِبُّ أَنْ أَلِيَ الخِلاَفَةَ، وَيَخْتَلِفَ إِلَيَّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ -يَعْنِي: الوَزِيْر-.

وَهُوَ القَائِلُ:

سَقَامُ الحِرْصِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ ... وَدَاءُ الجَهْلِ لَيْسَ لَهُ طَبِيْبُ (٢)

وَقَالَ: أَهدَيتُ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ كِتَابَ (الحَيَوَانِ) ، فَأَعطَانِي خَمْسَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.

وَأَهْدَيْتُ كِتَابَ (البَيَان وَالتبيين) إِلَى أَحْمَدَ بن أَبِي دُوَادَ، فَأَعطَانِي كَذَلِكَ.

وَأَهْدَيْتُ كِتَابَ (الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ) إِلَى إِبْرَاهِيْمَ الصُّوْلِيِّ، فَأَعطَانِي مِثْلَهَا، فَرَجَعتُ إِلَى البَصْرَةِ، وَمَعِيَ ضَيعَةٌ لاَ تَحْتَاجُ إِلَى تَحدِيْدٍ، وَلاَ إِلَى تَسمِيدٍ.


(١) قال ابن أبي شيبة العلوي: هذا كذب، يعني حديث فدك، سمعها الحاكم من عبد العزيز بن عبد الملك الاعور.
قال ابن حجر: ما علمت ما أراد بحديث فدك. انظر " لسان الميزان " ٤ / ٣٥٦.
(٢) هو في " معجم الأدباء " ١٦ / ٨٩، وروايته فيه: وداء البخل " بدل " الجهل ".
وجاء قبله: يطيب العيش أن تلقى حليما * غذاه العلم والرأي المصيب ليكشف عنك حيلة كل ريب * وفضل العلم يعرفه الاريب سقام الحرص ... البيت. وهو في " تاريخ بغداد " ١٢ / ٢١٥.