للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ أَعْلَمَ مَنْ رَأَيْتُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ، فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البُوَيْطِيِّ عِنْدَ مَوْتِ الشَّافِعِيِّ، فَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ السُّكَّرِيُّ، قَالَ:

تَنَازَعَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ وَالبُوَيْطِيُّ مَجْلِسَ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ البُوَيْطِيُّ: أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ، وَقَالَ الآخَرُ كَذَلِكَ.

فَجَاءَ الحُمَيْدِيُّ، وَكَانَ بِمِصْرَ، فَقَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:

لَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِمَجْلِسِي مِنْ يُوْسُفَ، لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي أَعْلَمَ مِنْهُ.

فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: كَذَبْتَ.

قَالَ: بَلْ كَذَبْتَ أَنْتَ وَأَبُوْكَ وَأَمُّكَ.

وَغَضِبَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ، فَجَلَسَ البُوَيْطِيُّ فِي مَكَانِ الشَّافِعِيِّ، وَجَلَسَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ فِي الطَّاقِ الثَّالِثِ (١) .

القَاضِي زَكَرِيَّا بنُ أَحْمَدَ البَلْخِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:

كَانَ البُوَيْطِيُّ حِيْنَ مَرِضَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ هُوَ وَابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ وَالمُزَنِيُّ، فَتَنَازَعُوا الحَلَقَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الشَّافِعِيَّ، فَقَالَ: الحَلَقَةُ لِلْبُوَيْطيِّ.

فَلِهَذَا اعْتَزَلَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ، وَكَانَتْ أَعْظَمَ حَلَقَةٍ فِي المَسْجِدِ.

فَكَانَ البُوَيْطِيُّ يَصُوْمُ، وَيَتْلُو غَالِباً فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَتْمَةً مَعَ صَنَائِعِ المَعْرُوْفِ (٢) إِلَى النَّاسِ.

وَبِهِ، إِلَى الرَّبِيْعِ، قَالَ: فَسُعِيَ بِالبُوَيْطِيِّ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الأَصَمُّ مِمَّنْ سَعَى بِهِ - وَمَا هُوَ بِابْنِ كَيْسَانَ الأَصَمِّ - وَكَانَ أَصْحَابُ ابْنِ أَبِي دُوَادَ وَابْنُ الشَّافِعِيِّ مِمَّنْ سَعَى بِهِ، حَتَّى كَتَبَ فِيْهِ ابْنُ أَبِي دُوَادَ إِلَى وَالِيَ مِصْرَ،


(١) " تاريخ بغداد " ١٤ / ٣٠١، ونقله عنه ابن خلكان في " وفيات الأعيان " ٧ / ٦٣.
وهو في " طبقات الشافعية " للسبكي ٢ / ١٦، وسيرد الخبر في الصفحة: ٤٩٩.
(٢) في " طبقات الشافعية " للسبكي ٢ / ١٦٤، وهو متنوع في صنائع المعروف، كثير التلاوة ...