للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحْمَدَ، قَالَ: مَا أَحْوَجَهُ إِلَى أَنْ يُضْرَبَ، وَشَتَمَهُ (١) .

قَالَ حُسَيْنٌ فِي القُرْآنِ: لَفْظِي بِهِ مَخْلُوْقٌ، فَبَلَغَ قَوْلُهُ أَحْمَدَ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: هَذِهِ بِدْعَةٌ.

فَأَوْضَحَ حُسَيْنٌ المَسْأَلَةَ، وَقَالَ: تَلَفُّظُكَ بِالقُرْآنِ -يَعْنِي: غَيْرَ المَلْفُوْظِ-.

وَقَالَ فِي أَحْمَدَ: أَيُّ شَيْءٍ نَعْمَلُ بِهَذَا الصَّبِيِّ؟ إِنْ قُلْنَا: مَخْلُوْقٌ، قَالَ: بِدْعَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، قَالَ: بِدْعَةٌ.

فَغَضِبَ لأَحْمَدَ أَصْحَابُهُ، وَنَالُوا مِنْ حُسَيْنٍ (٢) .


= والشكر لله، وهو غير الله، فكما يؤجر في الحمد والشكر والتهليل والتكبير، فكذلك يؤجر في التلاوة.
وهجرت الحنبلية أصحاب أحمد بن حنبل حسينا الكرابيسي وبدعوه، وطعنوا عليه وعلى كل من قال بقوله في ذلك.
وقال الامام الذهبي رحمه الله في " الميزان " ١ / ٥٤٤ في ترجمة الكرابيسي: فإن عنى بقوله: القرآن الكلام الله غير مخلوق، ولفظي به مخلوق، التلفظ، فهذا جيد، فإن أفعالنا مخلوقة.
وإن قصد الملفوظ بأنه مخلوق، فهذا الذي أنكره أحمد والسلف، وعدوه تجهما.
كما وضح المسألة الامام الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ١١ / ٥١٠ في ترجمة علي بن حجر، وبين مذهب الكرابيسي والبخاري.
وفيه: وبالغ الامام في الحط عليهم، أي: على القائلين: لفظنا بالقرآن مخلوق.
وقال عن البخاري: وأما البخاري فكان من كبار الأذكياء، فقال: ما قلت، ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، وإنما حركاتهم وأصواتهم وأفعالهم مخلوقة، والقرآن المسموع المتلو الملفوظ المكتوب في المصاحف كلام الله غير مخلوق، وصنف في ذلك كتاب " أفعال العباد " مجلد، فأنكر عليه طائفة، وما فهموا مرامه كالذهلي وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي بكر الاعين وغيرهم.
وجاء في " سير أعلام النبلاء " ١١ / ٢٩١ عن فوران صاحب أحمد، قال: سألني الأثرم وأبو عبد الله المعيطي أن أطلب من أبي عبد الله خلوة، فأسأله فيها عن أصحابنا الذين يفرقون بين اللفظ والمحكي.
فسألته، فقال: القرآن كيف تصرف في أقواله وأفعاله فغير مخلوق، فأما أفعالنا فمخلوقة.
قلت: فاللفظية تعدهم، يا أبا عبد الله، في جملة الجهمية؟ فقال: لا، الجهمية الذين قالوا القرآن المخلوق.
وراجع " طبقات الشافعية " للسبكي ٢ / ١٩٩ وما بعدها، و" تاريخ بغداد " ٨ / ٦٥.
(١) " تاريخ بغداد " ٨ / ٦٤.
(٢) " تاريخ بغداد " ٨ / ٦٥