على قعود له، معه متيع له، ووطب من لبن، فسلم علينا بتحية الإسلام. فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم فقتله لشيء كان بينه وبينه، وأخذ بعيره ومتاعه، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه الخبر. فنزل فينا القرآن:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: ٩٤] ، إلى آخر الآية. ورواه حماد بن سلمة، عن ابن إسحاق.
وقال حماد بن سلمة، عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، سمعت زياد بن ضميرة بن سعد الضمري يحدث عن أبيه وجده، وقد شهدا حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر وجلس في ظل شجرة، فقام إليه عيينة بن بدر يطلب بدم عامر بن الأضبط، سيد قيس، وجاء الأقرع بن حابس يرد عن محلم بن جثامة، وهو سيد خندف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوم عامر:"هل لكم أن تأخذوا منا الآن خمسين بعيرا، وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة"؟
فقال عيينة بن بدر: والله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحر مثل ما أذاق نسائي. فقام رجل من بني ليث يقال له: ابن مكيتيل، وهو قصد من الرجال، فقال: يا رسول الله، ما أجد لهذا القتيل مثلا في غرة الإسلام إلا كغنم وردت فرميت أولاها ففرت أخراها، اسنن اليوم وغير غدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل لكم أن تأخذوا خمسين بعيرا الآن وخمسين إذا رجعنا" فلم يزل بهم حتى رضوا بالدية. قال قوم محلم: ائتوا به حتى يستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجاء رجل طوال ضرب اللحم في حلة قد تهيأ فيها للقتل، فقام بين يدي