للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَسْتَغْفِرُ مِنْ ذَلِكَ الحَمْدِ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.

قِيْلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟

قَالَ: كَانَ لِي دُكَّانٌ فِيْهِ مَتَاعٌ، فَاحْتَرَقَ السُّوْقُ، فَلَقِيَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: أَبْشِرْ، دُكَّانُكَ سَلِمَتْ.

فَقُلْتُ: الحَمْدُ للهِ، ثُمَّ فَكَّرْتُ، فَرَأَيْتُهَا خَطِيئَةً (١) .

وَيُقَالُ: إِنَّ السَّرِيَّ رَأَى جَارِيَةً سَقَطَ مِنْ يَدِهَا إِنَاءٌ، فَانْكَسَرَ، فَأَخَذَ مِنْ دُكَّانِهِ إِنَاءً، فَأَعطَاهَا، فَرَآهُ مَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ، فَدَعَا لَهُ، قَالَ: بَغَّضَ اللهُ إِلَيْكَ الدُّنْيَا.

قَالَ: فَهَذَا الَّذِي أَنَا فِيْهِ مِنْ بَرَكَاتِ مَعْرُوْفٍ (٢) .

وَقَالَ الجُنَيْدُ: سَمِعْتُ سَرِيّاً يَقُوْلُ:

أَشْتَهِي مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ جَزَرَةً أَغمِسُهَا فِي دِبْسٍ وَآكُلُهَا، فَمَا يَصِحُّ لِي (٣) .

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أُحِبُّ أَنْ آكُلَ أَكْلَةً لَيْسَ للهِ عَلَيَّ فِيْهَا تَبِعَةٌ، وَلا لِمَخْلُوقٍ فِيْهَا مِنَّةٌ، فَمَا أَجِدُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً (٤) .

وَدَخَلتُ عَلَى السَّرِيِّ وَهُوَ يَجُوْدُ بِنَفْسِهِ، فَقُلْتُ: أَوْصِنِي.

قَالَ: لاَ تَصْحَبِ الأَشْرَارَ، وَلاَ تَشْتَغِلَنَّ عَنِ اللهِ بِمُجَالَسَةِ الأَخيَارِ (٥) .

قَالَ الفَرُّخَانِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ:

مَا رَأَيْتُ أَعْبَدَ للهِ مِنَ السَّرِيِّ، أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً مَا رُئِيَ مُضْطَجِعاً إِلاَّ فِي عِلَّةِ المَوْتِ (٦) .

قَالَ الجُنَيْدُ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:

إِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى أَنْفِي كُلَّ يَوْمٍ مَخَافَةَ أَنْ


(١) " تاريخ بغداد " ٩ / ١٨٨.
(٢) " تاريخ بغداد " ٩ / ١٨٨، و" النجوم الزاهرة " ٢ / ٣٣٩.
(٣) " حلية الأولياء " ١٠ / ١١٦، و" تاريخ بغداد " ٩ / ١٩٠.
(٤) " حلية الأولياء " ١٠ / ١١٦، و" تاريخ بغداد " ٩ / ١٩٠، و" النجوم الزاهرة " ٢ / ٣٣٩.
(٥) " حلية الأولياء " ١٠ / ١٢٥، و" تاريخ بغداد " ٩ / ١٩٠، و" النجوم الزاهرة " ٢ / ٣٣٩.
(٦) " النجوم الزاهرة " ٢ / ٣٣٩.