للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسَمِعْتُ ابْنَ رَاهْوَيْه ذَاتَ يَوْمٍ رَوَى فِي تَرْجِيْعِ (١) الأَذَانِ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً، ثُمَّ رَوَى حَدِيْثَ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ (٢) ، ثُمَّ قَالَ:

يَا قَوْمُ، قَدْ حَدَّثْتُكُم بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ فِي التَّرْجِيْعِ، وَلَيْسَ فِي غَيْرِ التَّرْجِيْعِ إِلاَّ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ؛ حَدِيْثُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ.

وَقَدْ أَمَرَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ النَّاسَ بِالتَّرْجِيْعِ، فَقُلْتُم: هَذَا مُبْتَدِعٌ، عَامَّةُ أَهْلِ بَلَدِهِ بِالكُوْرَةِ غَوْغَاءُ.

ثُمَّ قَالَ: احْذَرُوا الغَوْغَاءَ، فَإِنَّهُمْ قَتَلَةُ الأَنْبِيَاءِ.

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ، دَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ، حَدَّثْتَ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ بِالتَّرْجِيْعِ، فَمَا لَكَ لاَ تَأْمُرُ (٣) مُؤَذِّنَكَ بِالتَّرْجِيْعِ؟

قَالَ: يَا مُغَفَّلُ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قُلْتُ فِي الغَوْغَاءِ، إِنَّمَا أَخَافُ الغَوْغَاءَ.

فَأَمَّا أَمْرُ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، فَإِنَّهُ سَمَاوِيٌّ (٤) ، كُلَّمَا أَخَذَ فِي شَيْءٍ، تَمَّ لَهُ، وَنَحْنُ عَبِيْدُ بُطُوْنِنَا (٥) ، لَا يَتِمُّ لَنَا أَمْرٌ نَأْخُذُ فِيْهِ، نَحْنُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ مِثْلَ السُّرَّاقِ (٦) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ:

اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَالِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ، فَإِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَركَانِ الإِسْلاَمِ (٧) .


(١) الترجيع: هو العود إلى الشهادتين مرتين مرتين برفع الصوت بعد قولها مرتين مرتين بخفض الصوت، وهو ثابت في حديث أبي محذورة عند مسلم (٣٧٩) في الصلاة: باب صفة الاذان، وانظر مسند الشافعي ١ / ٥٧، ٥٩، وأحمد ٣ / ٤٠٩، وسنن أبي داود (٥٠٠) و (٥٠١) و" معاني الآثار " ١ / ٧٨، والدارقطني ٨٦، والبيهقي ١ / ٣٩٣، وابن حبان (٢٨٩) ، وابن خزيمة (٣٧٧) (٢) أخرجه أبو داود (٤٩٩) وأحمد ٤ / ٤٣، وابن ماجة (٧٠٨) والبيهقي ١ / ٣٩٠، ٣٩١، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (٢٨٧) وابن خزيمة (٣٧١) والبخاري فيما نقله عنه الترمذي في " العلل الكبير ".
(٣) في " حلية الأولياء " تأمن وهو تحريف.
(٤) في " حلية الأولياء ": فإنه يتمادى وهو تحريف.
(٥) في " حلية الأولياء ": ونحن عنده نملا بطونا، وما هنا هو الصحيح.
(٦) " حلية الأولياء " ٩ / ٢٤٠.
(٧) " حلية الأولياء " ٩ / ٢٤٠.