وَصَلَ الكِتَابُ إِلَى ابْنِ طَاهِرٍ، أَمَرَ بِإِخْرَاجِكَ وَأَصْحَابِكَ.
قَالَ: نَعَمْ.
أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَسْلَمَ، سَمِعْتُ المُقْرِئَ يَقُوْلُ:
الشِّكَايَةُ وَالتَّحْذِيْرُ لَيْسَتْ مِنَ الغِيْبَةِ.
مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ السّلْطِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَسْلَمَ يُنْشِدُ:
إِنَّ الطَّبِيْبَ بِطِبِّهِ وَدَوَائِهِ ... لاَ يَسْتَطِيعُ دِفَاعَ مَقْدُوْرٍ أَتَى
مَا لِلطَّبِيْبِ يَمُوْتُ بِالدَّاءِ الَّذِي ... قَدْ كَانَ يُبْرِي مِثْلَهُ فِيْمَا مَضَى
هَلَكَ المُدَاوِي وَالمُدَاوَى وَالَّذِي ... جَلَبَ الدَّوَاءَ وَبَاعَهُ وَمَنِ اشْتَرَى (١)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ: مَرِضَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ طُوْسَ، فَقَالَ لَهُ: لاَ تُفَارِقْنِي اللَّيْلَ، فَإِنِّي يَأْتِيْنِي أَمْرُ اللهِ قَبْلَ أَنْ أُصْبِحَ، فَإِذَا مُتُّ، فَلاَ تَنْتَظِرْ بِي أَحَداً، وَاغْسِلْنِي لِلْوَقْتِ، وَجَهِّزْنِي.
قَالَ: فَمَاتَ فِي نِصْفِ اللَّيْلِ.
قَالَ: فَأَتَاهُمْ صَاحِبُ الأَمِيْرِ طَاهِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُ إِلَى مَقْبَرَةِ السَّاذياخِ؛ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ.
قَالَ: فَوُضِعَتِ الجِنَازَةُ، وَالنَّاسُ يُؤَذِّنُونَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، وَمَا نَادَى عَلَى جِنَازَتِهِ أَحَدٌ، وَلاَ رُوسِلَ بِوَفَاتِهِ أَحَدٌ، وَإِذَا الخَلقُ قَدِ اجْتَمَعَ بِحَيْثُ لاَ يُذكَرُ مِثْلُهُ.
فَأَمَّهُمْ طَاهِرٌ، وَدُفِنَ بِجَنْبِ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البَاشَانِيُّ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ أَسْلَمَ لِثَلاَثٍ بَقِيْنَ مِنْ المُحَرَّمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، بِنَيْسَابُوْرَ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ الفَقِيْهَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ العَنْبَرِيَّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ بِمِصْرَ، وَأَنَا أَكْتُبُ بِاللَّيْلِ كُتُبَ ابْنِ وَهْبٍ، وَذَلِكَ
(١) البيتان: الأول والثاني في " حياة الحيوان الكبرى " ١ / ٢٤٥ والشطر الثاني من البيت الأول فيه برواية: لا يستطيع دفاع نحب قد قضى.