للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالزُّهْدِ، وَاسْتُقْضِيَ عَلَى سَمَرْقَنْدَ، فَأَبَى، فَأَلَحَّ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ حَتَّى يُقَلِّدَهُ، وَقَضَى قَضِيَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ اسْتَعْفَى، فَأُعْفِيَ، وَكَانَ عَلَى غَايَةِ العَقلِ، وَنِهَايَةِ الفَضْلِ، يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الدَّيَانَةِ وَالحِلْمِ وَالرَّزَانَةِ، وَالاجْتِهَادِ وَالعِبَادَةِ، وَالزَّهَادِةِ وَالتَّقَلُّلِ، وَصَنَّفَ (المُسْنَدَ) وَ (التَّفْسِيْرَ) وَ (الجَامِعَ (١)) .

قَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاقُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ:

وُلِدْتُ فِي سَنَةِ مَاتَ ابْنُ المُبَارَكِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ المَرْوَزِيُّ الحَافِظُ: كَانَ الدَّارِمِيُّ حَسَنُ المَعْرِفَةِ، قَدْ دَوَّنَ (المُسْنَدَ) وَ (التَّفْسِيْرَ) .

مَاتَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، يَوْمَ التَّروِيَةِ (٢) بَعْدَ العَصرِ، وَدُفِنَ يَوْمَ عَرَفَةَ، يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.

وَقَالَ الحَافِظُ مَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَاهَانَ البَلْخِيُّ تِلمِيذُهُ فِي تَارِيْخِ وَفَاتِهِ نَحْوَ ذَلِكَ.

وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: وَفَاتُهُ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ، فَقَدْ أَرَّخَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الأَوَّلِ.

قَالَ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ: كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيْهِ نَعْيُّ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَنَكَّسَ


(١) " تاريخ بغداد " ١٠ / ٢٩، و" تذكرة الحفاظ " ٢ / ٥٣٥، و" تهذيب التهذيب " ٥ / ٢٩٥.
وقال ابن ابي حاتم في " الجرح والتعديل " ٥ / ٩٩: سئل أبي عنه، فقال: ثقة صدوق.
(٢) هو يوم قبل يوم عرفة، وهو الثامن من ذي الحجة.
سمي به لان الحجاج يتروون فيه من الماء، ينهضون إلى منى ولا ماء بها، فيتزودون ريهم من الماء، أي: يسقون ويستقون.
وكان ذلك فيما غبر من الازمان، أما الآن، فقد أصبح - ولله الحمد - الماء متوفرا في كل مكان في مكة وفي منى وفي عرفة، وهو مبذول لكل الحجيج.