المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ: رَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَر لِي.
قُلْتُ: فَمَا فَعَلَ الخُجُسْتَانِيُّ؟
قَالَ: هُوَ فِي تَابوتٍ مِنْ نَارٍ، وَالمفْتَاحُ بِيَدِي.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِح بنِ هَانِئٍ يَقُوْلُ: لَمَّا قُتِلَ حَيْكَانُ تركَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي اللباسَ القطنِيَّ، وَكَانَ يلبَسُ فِي الشِّتَاءِ فَرواً بِلاَ قَمِيْصٍ، وَفِي الصَّيْفِ مَسْحاً، وَكَانَ مَجْلِسُهُ وَمَبِيْتُهُ فِي مَسْجِدِ الأَدمِيينَ عَلَى رَأْسِ سكَّةِ الحَسَنِ بنِ مُوْسَى بِنَيْسَابُوْرَ، إِذْ سَمِعَ النَّاسَ يَقُوْلُوْنَ: قَدْ أَقبلَ أَحْمَدُ الخُجُسْتَانِيُّ، فَخَرَجَ المُسْتَمْلِي، وَعَلَيْهِ الفروُ، فَتَقَدَّم، فَأَخَذَ عنَانَ أَحْمَدَ، ثُمَّ قَالَ: يَا ظَالِمُ قتلتَ الإِمَامَ بنَ الإِمَامِ، العَالِمَ بنَ العَالِمِ؟؟!! فَارْتَعَدَ الخُجُسْتَانِيُّ، وَنفرت دَابَّتُهُ، فَتَقَدَّمَ الرَّجَّالَةُ لضرِبِهِ، فصَاحَ الخُجُسْتَانِيُّ دعُوهُ دعُوهُ، فَرَجَعَ وَدَخَلَ المَسْجَدَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح: فَبلغنِي عَنْ أَبِي حَاتِمٍ نوحٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ الخُجُسْتَانِيُّ: وَاللهِ مَا فَزَعْتُ قَطُّ مِنْ أَحَدٍ فَزَعِي مِنْ صَاحِبِ الفَرْوَةِ، وَلَقَدْ نَدِمْتُ لَمَّا نظرتُ إِلَيْهِ مِنْ إِقدَامِي عَلَى قَتْلِ حَيْكَانَ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِح يَقُوْلُ: حضَرْنَا آخِرَ مَجْلِسٍ لِلإِملاَءِ عِنْدَ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ الشَّهِيْدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقِيْلَ (١) : فِي شَوَّالٍ، وَرُفِضَتْ مَجَالِسُ الحَدِيْثِ، وَخُبِئَتِ المحَابِرُ، حَتَّى لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ فِي البلدِ أَنْ يَمْشِيَ وَمَعَهُ محبرَةٌ، وَلاَ فِي كُمِّهِ كَرَارِيْسُ الحَدِيْثِ إِلَى سَنَةِ سَبْعِيْنَ، فَاحتَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي مجِيءِ السَّرِيِّ خُزَيْمَةَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِسَ الإِملاَءِ فِي خَانِ مَحْمِش، وَعَلاَّ
(١) في " تذكرة الحفاظ " ٢ / ٦١٧: وقتل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute