للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ وَلدُهُ بُهْلُوْلُ بنُ إِسْحَاقَ: اسْتدعَى المُتَوَكِّلُ أَبِي إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى، حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ، ثُمَّ أَمَرَ فنُصِبَ لَهُ مِنْبَرٌ، وَحَدَّث فِي الجَامِعِ، وَأَقطعَهُ إِقطَاعاً مَغَلُّهُ (١) فِي العَامِ اثْنَا عَشرَ أَلْفاً، وَوَصَلَهُ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ فِي السَّنَةِ، فَكَانَ يَأْخُذُهَا، وَأَقَامَ إِلَى أَنْ قَدِمَ المستعينُ بَغْدَادَ، فَخَافَ أَبِي مِنَ الأَترَاكِ أَنْ يَكْبِسُوا الأَنْبَارَ، فَانحدرَ إِلَى بَغْدَادَ، وَلَمْ يحمِلْ مَعَهُ كُتُبَهُ، فطَالبَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ أَنْ يُحَدِّثَ، فَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ مِنْ حِفْظِهِ بِخَمْسِيْنَ أَلفِ حَدِيْثٍ، لَمْ يُخْطِئْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (٢) .

رَوَى هَذِهِ القِصَّةَ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الأَزْرَقُ، عَنْ عَمِّهِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَعْقُوْبَ، عَنْ عَمِّهِ بُهْلُوْلٍ.

وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ البُهْلُوْلِ: تذَاكَرْتُ أَنَا وَابْنِ صَاعِدٍ مَا حَدَّثَ بِهِ جَدِّي بِبَغْدَادَ.

فَقُلْتُ لَهُ: قَالَ لي أُنَيْسٌ المُسْتَمْلِي: إِنَّهُ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.

فَقَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: لاَ يَدْرِي أُنَيْسٌ مَا قَالَ، حَدَّثَ إِسْحَاقُ بنُ البُهْلُوْلِ مِنْ حِفْظِهِ بِبَغْدَادَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِيْنَ أَلفِ حَدِيْثٍ (٣) .

قُلْتُ: كَذَا فَلْيَكُنِ الحِفْظُ، وَإِلاَّ فَلاَ، قَنِعْنَا اليَوْمَ بِالاسْمِ بِلاَ جِسْمٍ، فَلَو رَأَى النَّاسُ فِي وَقْتنَا مَنْ يَرْوِي أَلفَ حَدِيْثٍ بِأَسَانِيْدِهَا حِفْظاً لانْبَهرُوا لَهُ.

مَاتَ إِسْحَاقُ بنُ بُهْلُوْلٍ الحَافِظُ: بِالأَنْبَارِ، فِي ذِي الحِجَّةِ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَاربَ التِّسْعِيْنَ.

قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الحَافِظِ بِنَابُلسَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ


(١) في " تاريخ بغداد ": مبلغه، وفي " التذكرة ": ما يغل.
(٢) " تاريخ بغداد " ٦ / ٣٣٦٨، و" تذكرة الحفاظ " ٢ / ٥١٨.
(٣) " تاريخ بغداد " ٦ / ٣٦٨، و" تذكرة الحفاظ " ٢ / ٥١٨.