للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَأْمرنِي بردِّك.

فَقَالَ: أَنْتَ غُلاَمِي أَوْ غُلاَمه؟

قَالَ: كلّنَا غلمَانك مَا أَطعت الله، وَقَدْ عصيتَ بخُرُوْجك وَتسليطك عَدوك عَلَى المُسْلِمِيْنَ.

ثُمَّ قَامَ، وَوَكَّل بِهِ جَمَاعَة، ثُمَّ إنَّهُ بعثَ إِلَيْهِ يَطْلُب مِنْهُ ابْن خَاقَان وَجَمَاعَة لينَاظرهُم، فَبَعَثَ بِهِم، فَقَالَ لَهُم: مَا جنَى أَحَد عَلَى الإِمَامِ وَالإِسْلاَم جنَايتكُم، أَخرجتُمُوهُ مِنْ دَار ملكه فِي عِدَّة يَسِيْرَة، وَهَذَا هَارُوْنَ الشَّارِي بِإِزَائِكم فِي جمع كَثِيْر، فَلَو ظفر بِالخَلِيْفَة، لكَانَ عَاراً عَلَى الإِسْلاَم، ثُمَّ رسم أَيْضاً عَلَيْهِم، وَأَمر المُعْتَمِد بِالرُّجُوع، فَقَالَ: فَاحلف لِي أَنَّك تَنحدر معِي وَلاَ تُسلِمنِي، فَحلف، وَانحدر إِلَى سَامَرَّاء.

فتلقَّاهُ كَاتِب الْمُوفق صَاعِد، فَأَنزله فِي دَار أَحْمَد بن الْخَصِيب، وَمنعه مِنْ نزُول دَار الخِلاَفَة، وَوَكَّل بِهِ خَمْس مائَة نَفْس، وَمنع مِنْ أَنْ يجْتَمع بِهِ أَحَد.

وَبَعَثَ الْمُوفق إِلَى ابْنِ كندَاج بِخِلَعٍ وَذَهَبٍ عَظِيْم.

قَالَ الصُّوْلِيُّ: تحيَّل المُعْتَمِد مِنْ أَخِيْهِ، فَكَاتَبَ ابْن طولُوْنَ.

وَمِمَّا قَالَ:

أَلَيْسَ مِنَ العَجَائِب أَن مِثْلِي ... يرَى مَا قلَّ ممتنعاً عَلَيْهِ

وَتُؤكل بِاسْمه الدُّنْيَا جَمِيْعاً ... وَمَا مِنْ ذَاكَ شَيْء فِي يَدَيْهِ (١) ؟!

وَلقَّب الموفقُ صَاعِدَ بن مَخْلَدٍ ذَا الوزرَاتين، وَلقب ابْن كندَاج ذَا السّيفين.

فَلَمَّا علم ابْن طولُوْنَ جمع الأَعْيَان، وَقَالَ: قدْ تَلاَ نكث الْمُوفق بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، فَاخلعُوهُ مِنَ الْعَهْد، فَخَلَعُوهُ سِوَى القَاضِي بَكَّار بن قُتَيْبَةَ. فَقَالَ


(١) البيتان في " فوات الوفيات " ١ / ٦٦، و" الوافي بالوفيات " ٦ / ٢٩٣، و" تاريخ السيوطي ": ٣٦٥ وبعدهما:
إليه تحمل الاموال طرا * ويمنع بعض ما يجبى إليه
وسيوردهما المصنف أيضا في ص: ٦٠٢ من هذا الجزء.