للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر (صَحِيْح البُخَارِيِّ) : ثُمَّ سلك سَبِيلهُ مُسْلِم بن الحَجَّاجِ، فَأَخَذَ فِي تَخْرِيج كِتَابِه وَتَأَلِيفه، وَتَرْتِيْبه عَلَى قسمِيْن، وَتَصْنِيْفه.

وَقصد أَنْ يَذْكُرفِي الْقسم الأَوّل أَحَادِيْث أَهْل الإِتْقَان، وَفِي الْقسم الثَّانِي أَحَادِيْثَ أَهْل السّتْر وَالصِّدْق الَّذِيْنَ لَمْ يبلّغُوا دَرَجَة الْمُتَثَبِّتِينَ، فَحَالت المنيَة بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذِهِ الأُمنيَة، فَمَاتَ قَبْلَ اسْتِتَام كِتَابه.

غَيْر أَنَّ كِتَابهُ مَعَ إِعوازه اشْتَهَرَ وَانتشر.

وَقَالَ الحَاكِمُ: أَرَادَ مُسْلِم أَنْ يخرج (الصَّحِيْح) عَلَى ثَلاَثَة أَقسَام، وَعَلَى ثَلاَث طَبَقَات مِنَ الرُّوَاة، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا فِي صَدْر خطبَته، فَلَمْ يقدّر لَهُ إِلاَّ الفرَاغ مِنَ الطَّبَقَة الأُوْلَى، وَمَاتَ.

ثُمَّ ذكر الحَاكِم مَقَالَة هِيَ مُجَرّد دعوَى، فَقَالَ: إِنَّهُ لاَ يَذْكُر مِنَ الأَحَادِيْث إِلاَّ مَا رَوَاهُ صحَابِي مَشْهُوْر لَهُ رَاويَان ثِقَتَانِ فَأَكْثَر، ثُمَّ يَرْوِيْهِ عَنْهُ أَيْضاً رَاويَان ثِقَتَانِ فَأَكْثَر، ثُمَّ كَذَلِكَ مِنْ بَعْدهُم.

فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الجَيَّانِي: المرَاد بِهَذَا أَنَّ هَذَا الصَّحَابِيّ أَوْ هَذَا التَّابِعِيّ قَدْ رَوَى عَنْهُ رَجُلاَنِ، خَرَجَ بِهِمَا عَنْ حدّ الجهَالَة.

قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَالَّذِي تَأَوّله الحَاكِم عَلَى مُسْلِم مِنِ اخترَام


= المزي صاحب " تهذيب الكمال " إلى جمع أطراف الكتب الستة في كتاب واحد وهو غاية في الجودة وقد طبع بتمامه في الهند واسمه " تحفة الاشراف لمعرفة الاطراف ".
قال فيه صاحب القاموس: إنه كتاب معدوم النظير، مفعم الغدير، يشهد لمؤلفه على اطلاع كثير، وحفظ كبير.
اختصره الشيخ عبد الغني النابلسي في كتابه " ذخائر المواريث ". وهو مطبوع.
وموضوع كتب الاطراف أنهم يذكرون فيها حديث الصحابي مفردا كما يصنع أصحاب المسانيد إلا أنهم لا يذكرون من الحديث إلا طرفا يعرف به، ثم يذكرون جميع طرق الشيخين وأهل السنن الأربع وما اشتركوا فيه من الطرق، وما اختص به كل واحد منهم، وإذا اشترك أهل الكتب الستة في رواية حديث أو بعضهم، أو انفرد به بعضهم ذكروا أين ذكر كل واحد منهم ذلك الحديث في كتابه، وإن ذكره أحدهم مفرقا في موضعين أو أكثر ذكروا كل واحد من الموضعين، فيسهل بذلك معرفة طرق الحديث والبحث عن أسانيده يكتفي الباحث بمطالعة كتاب منها عن مطالعة جميع هذه الكتب الستة، ويتمكن بالنظر فيها من معرفة موضع الحديث منها.