امض يا عباس، فلما أر كاليوم جنود قط ولا جماعة، وسار الزبير بالناس حتى إذا وقف بالحجون، واندفع خالد حتى دخل من أسفل مكة. فلقيته بنو بكر فقاتلهم فهزمهم، وقتل منهم قريبا من عشرين، ومن هذيل ثلاثة أو أربعة، وهزموا وقتلوا بالحزورة، حتى دخلوا الدور، وارتفعت طائفة منهم على الجبل على الخندمة، واتبعهم المسلمون بالسيوف.
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس، ونادى مناد: من أغلق عليه داره وكف يده فإنه آمن. وكان النبي صلى الله عليه وسلم نازلًا بذي طوى، فقال:"كيف قال حسان"؟ فقال رجل من أصحابه: قال:
عدمت بنيتي إن لم تروها ... تثير النقع من كنفي كداء
فأمرهم فأدخلوا الخيل من حيث قال حسان. فأدخلت من ذي طوى من أسفل مكة.
واستحر القتل ببني بكر. فأحل الله له مكة ساعة من نهار، وذلك قوله -تعالى:{لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ}[البلد: ١، ٢] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أحلت الحرمة لأحد قبلي ولا بعدي، ولا أحلت لي إلا ساعة من نهار".
ونادى أبو سفيان بمكة: أسلموا تسلموا فكفهم الله عن عباس.
فأقبلت هند فأخذت بلحية أبي سفيان، ثم نادت: يا آل غالب اقتلوا الشيخ الأحمق.
قال: أرسلي لحيتى، فأقسم لئن أنت لم تسلمى لتضربن عنقك ويلك جاءنا بالحق ادخلي بيتك واسكتي.
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف سبعا على راحلته.
وفر صفوان بن أمية عامدا للبحر، وفر عكرمة عامدا لليمن، وأقبل عمير بن وهب إلى رسل الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله آمن صفوان فقد هرب، وقد خشيت أن يهلك نفسه، فأرسلني إليه بأمان فإنك قد آمنت