فخامر الأمير محمدا الجزع، وشابه الروع والفزع، وظن أن لا منجاة من الكفار، وأن المسلمين هناك طعم الشفار. فرأى من الحزم الاوكد، والنظر الاحمد الارشد الرجوع عن تلك الحركة، لقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [سورة البقرة: ١٩٥] . فقام رجل، فقال: أيها الأمير: قال الله تبارك وتعالى: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ... ) [آل عمران: ١٧٣] . فقال له الأمير محمد: والله ما حذرت نفسي، إلا أنه لا رأي لمن لا يطاع، ولست أستطيع أن أجاهد وحدي: فقال له العتبي: والله ما أراه قذف بها على لسانه إلا ملك، فاستخر الله في ليلك هذا وفي يومك. فأراه الله في مقابلة العدو الرشاد والهمة والتوفيق والسداد، فندب الناس إلى لقاء أعداء الله ونصر دينه، وأن يكون كل على أحسن ظنه من الظفر ويقينه. فما انعقدت راياتهم، وتأكدت على المقارعة نياتهم، قدم عليهم الأمير محمد ابنه المنذر إذ كان مشهورا بالبأس، محبوبا في الناس. فسار المسلمون إلى أن التقى الجمعان، والتف الفريقان، فأعقب الله لاوليائه ظفرا ونصرا، وجعل بعد عسر يسرا ". (٢) انظر بعض ما قيل فيه، في " البيان المغرب ": ٢ / ١٦٦ وما بعدها. (٣) أخباره في " البيان المغرب ": ٢ / ١٧٠ - ١٨١.