للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الخَلاَّلُ: سَمِعْتُ المَرُّوْذِيَّ، يَقُوْلُ:

كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يَبْعَثُ بِيَّ فِي الحَاجَةِ، فَيَقُوْلُ: قُلْ مَا قُلْتُ، فَهُوَ عَلَى لِسَانِي، فَأَنَا قُلْتُهُ (١) .

قَالَ الخَلاَّلُ: خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ (٢) إِلَى الغَزْوِ فَشَيَّعُوهُ إِلَى سَامَرَّاءَ، فَجَعَلَ يَرُدُّهُم فَلاَ يرجِعُوْنَ.

قَالَ: فَحُزِرُوا فَإِذَا هُمْ بِسَامَرَّاءَ، سِوَى مَنْ رَجَعَ، نَحْو خَمْسِيْنَ أَلْفاً، فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ: احْمَدِ اللهَ فَهَذَا عَلَمٌ قَدْ نُشِرَ لَكَ.

فَبَكَى، وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا العَلَمَ لِي، إِنَّمَا هُوَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَد (٣) .

قَالَ الخَطِيْبُ فِي المَرُّوْذِيِّ: هُوَ المُقَدَّمُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ لِوَرَعِهِ وَفَضْلِهِ، وَكَانَ أَحْمَدُ يَأْنَسُ بِهِ، وَيَنْبَسِطُ إِلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَى إِغْمَاضَهُ لَمَّا مَاتَ، وَغَسَّلَهُ.

وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مَسَائِلَ كَثِيْرَةً (٤) .

وَقِيْلَ لعَبْدِ الوَهَّابِ الوَرَّاقِ: إِنْ تَكَلَّمَ أَحَدٌ فِي أَبِي طَالِبٍ، وَالمَرُّوْذِيِّ، أَمَا البُعْدُ مِنْهُ أَفْضَلُ؟

قَالَ: نَعَمْ، مَنْ تَكَلَّمَ فِي أَصْحَابِ أَحْمَدَ فاتَّهِمْهُ ثُمَّ اتَّهِمْهُ، فَإِنَّ لَهُ خبئَةَ سَوْءٍ، وَإِنَّمَا يُرِيْدُ أَحْمَدَ.

الخَلاَّلُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَمْدُوْنَ، قَالَ المَرُّوْذِيُّ:

رَأَيْتُ كَأَنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، وَالمَلاَئِكَةَ حَوْلَ بَنِي آدَمَ، وَيَقُوْلُوْنَ: قَدْ أَفْلَحَ الزَّاهِدُوْنَ، اليَوْمَ فِي الدُّنْيَا، وَالنَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: يَا أَحْمَدُ! هَلُمَّ إِلَى العَرْضِ عَلَى اللهِ.

قَالَ: فرَأَيْتُ أَحْمَدَ وَالمَرُّوْذِيَّ وَحْدَهُ خَلْفَهُ، وَقَدْ رُؤِي أَحْمَدُ رَاكِباً، فَقِيْلَ:


(١) انظر: المصدر السابق: ٤ / ٤٢٤.
(٢) في الأصل: " أبو عبد الله ". وهو خطأ. والصواب من " تاريخ بغداد "، وسياق الكلام يؤيده.
(٣) تاريخ بغداد: ٤ / ٤٢٤.
(٤) تاريخ بغداد: ٤ / ٤٢٣. والزيادة منه. وأضاف: " وأسند عنه أحاديث صالحة ".