للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَبُو زُرْعَةَ:

تَرْفَعُ يَدَيْكَ فِي القُنُوْتِ؟

قُلْتُ: لاَ، فَتَرْفَعُ أَنْتَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَمَا حُجَّتُكَ؟

قَالَ: حَدِيْثُ ابْنِ مَسْعُوْدٍ.

قُلْتُ (١) : رَوَاهُ لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ.

قَالَ (٢) : فَحَدِيْثُ أَبِي هُرَيْرَةَ؟

قُلْتُ (٣) : رَوَاهُ ابْنُ لَهِيْعَةَ.

قَالَ: حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ؟

قُلْتُ: رَوَاهُ عَوْفٌ.

قَالَ: فَمَا حُجَّتُكَ فِي تَرْكِهِ؟

قُلْتُ: حَدِيْثَ أَنَسَ بنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (كَانَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ، إِلاَّ فِي الاسْتِسْقَاء) .

فَسَكَتَ (٤) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ (الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ (٥)) لَهُ:

سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: جَاءنِي رَجُلٌ مِنْ جِلَّةِ أَصْحَابِ الرَّأْي، مِنْ أَهْلِ الفَهْمِ مِنْهُم، وَمَعَهُ دَفْتَرٌ، فَعَرَضَهُ عَلَيَّ، فَقُلْتُ فِي بَعْضِه: هَذَا حَدِيْثٌ خَطَأٌ، قَدْ دَخَلَ لِصَاحِبِهِ حَدِيْثٌ فِي حَدِيْثٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ، وَهَذَا مُنْكَرٌ، وَسَائِرُ ذَلِكَ صِحَاح.

فَقَالَ: مِنَ أَيْنَ عَلِمْتَ أَنَّ ذَاكَ خَطَأٌ، وَذَاكَ بَاطِلٌ، وَذَاكَ كَذِبٌ؟ أَأَخْبَرَكَ رَاوِي هَذَا الكِتَابِ بِأَنِّي غَلِطْتُ، أَوْ بِأَنِي كَذَبْتُ فِي حَدِيْثِ كَذَا؟

قُلْتُ: لاَ، مَا أَدْرِي هَذَا الجُزْء مَنْ رَاوِيْهِ، غَيْرَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الحَدِيْثَ خَطَأٌ، وَأَنَّ


(١) (٣) : في الأصل: " قال ". والتصحيح من " تاريخ بغداد ".
(٢) في الأصل: " قلت " والتصحيح من " تاريخ بغداد ".
(٤) الخبر في: تاريخ بغداد: ٢ / ٧٦، وحديث أنس أخرجه البخاري ٢ / ٤٢٩ في الاستسقاء، باب رفع الامام يده في الاستسقاء، ومسلم (٨٩٥) (٧) قال: كان النبي لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطه. وظاهر هذا الحديث
نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض بالاحاديث الثابتة في الرفع في غير الاستسقاء، وهي كثيرة أفردها البخاري بترجمته في كتاب الدعوات من " صحيحه " ١١ / ١١٩، ١٢١، وساق فيها عدة أحاديث، وألف الحافظ المنذري جزءا فيها سرد منها النووي في " الاذكار " " وشرح المهذب " جملة، والحافظ في " الفتح " وقد قال العلماء: إن المنفي في حديث أنس صفة خاصة لا أصل الرفع.
(٥) انظر: ١ / ٣٤٩ - ٣٥٠، والزيادة منه.