للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ) : كَانَ أَبُو عِيْسَى مِمَّن جَمَعَ، وَصَنَّفَ وحَفِظَ، وذَاكَرَ.

وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ: كَانَ أَبُو عِيْسَى يُضْرَبُ بِه المَثَلُ فِي الحِفْظِ.

وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ عَلَّك يَقُوْلُ: مَاتَ البُخَارِيُّ فَلَمْ يُخَلِّفْ بِخُرَاسَانَ مِثْلَ أَبِي عِيْسَى، فِي العِلْمِ وَالحِفْظِ، وَالوَرَعِ وَالزُّهْدِ، بَكَى حَتَّى عَمِي، وَبَقِيَ ضَرِيْراً سِنِيْنَ (١) .

ونَقَلَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ، أَنَّ أَبَا عِيْسَى قَالَ: كُنْتُ فِي طَرِيْقِ مَكَّةَ فَكَتَبْتُ جُزْأَيْن مِنْ حَدِيْثِ شَيْخٍ، فَوَجَدْتُهُ فَسَأَلْتُهُ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّ الجُزْأَين مَعِي، فَسَأَلتُهُ، فَأَجَابْني، فَإِذَا مَعِي جُزآن بيَاض، فَبَقِيَ يَقْرَأُ عَلَيَّ مِنْ لَفْظِهِ، فَنَظَرَ، فَرَأَى فِي يَدِي وَرَقاً بيَاضاً، فَقَالَ: أَمَا تَسْتحِي مِنِّي؟ فَأَعْلَمْتُهُ بِأَمْرِي، وَقُلْتُ: أَحْفَظُهُ كُلَّهُ.

قَالَ: اقْرَأْ.

فَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُصَدِّقْنِي، وَقَالَ: اسْتَظْهَرْتَ قَبْلَ أَنْ تَجِيْء؟

فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي بِغَيْرِهِ.

قَالَ: فَحَدَّثَنِي بِأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ: هَاتِ.

فَأَعَدْتُهَا عَلَيْهِ، مَا أَخْطَأْتُ فِي حَرْفٍ (٢) .

قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الفَتْحِ القُشَيْرِيُّ الحَافِظُ (٣) : تِرْمِذ، بِالكَسْرِ، وَهُوَ


(١) تذكرة الحفاظ: ٢ / ٦٣٤، وتهذيب التهذيب: ٩ / ٣٨٩، وفيه: " عمران بن علان " بدلا من " عمر بن علك ".
(٢) انظر: تذكرة الحفاظ: ٢ / ٦٣٥، وتهذيب التهذيب: ٩ / ٣٨٨ - ٣٨٩.
(٣) هو شيخ الإسلام، تقي الدين، أبو الفتح، محمد بن علي بن وهب القشيري المصري المعروف بابن دقيق العيد.
قال المؤلف في " معجمه ": خ: ١٤٦: " هو قاضي القضاة بالديار المصرية وشيخها وعالمها، الامام العلامة الحافظ القدوة الورع، شيخ العصر، كان علامة في المذهبين: المالكي والشافعي، عارفا بالحديث وفنونه، سارت بمصنفاته الركبان، مولده في شعبان سنة (٦٢٥ هـ) ووفاته في صفر سنة (٧٠٢ هـ) ".