للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ: سَمِعْتُ ابْنَ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ:

أَنَا أَكْثَرُ أَوضَاعاً مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ، لَهُ اثْنَانِ وَعِشْرُوْنَ وَضْعاً، وَلِي سَبْعَةٌ وَعِشْرُوْنَ.

ثُمَّ قَالَ قَاسِمٌ: وَلَهُ فِي الفِقْهِ كِتَابٌ، وَلَهُ عَنِ ابْنِ رَاهْوَيْه شَيْءٌ كَثِيْرٌ.

قِيْلَ لابْنِ أَصْبَغَ: فَكِتَابُهُ فِي الفِقْهِ كَانَ ينفقُ عَنْهُ؟

قَالَ: لاَ وَاللهِ، لَقَدْ ذَاكَرْتُ الطَّبَرِيَّ، وَابْنَ سُرَيْجٍ، وَكَانَا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، وَقُلْتُ: كَيْفَ كِتَابُ ابْنِ قُتَيْبَةَ فِي الفِقْهِ؟

فَقَالاَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلاَ كِتَابُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي الفِقْهِ، أَمَا تَرَى كِتَابَهُ فِي (الأَمْوَالِ) ، وَهُوَ أَحْسَنُ كُتُبِهِ، كَيْفَ بُنِي عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ، وَاحتَجَّ بِغَيْرِ صَحِيْحٍ.

ثُمَّ قَالاَ: لَيْسَ هَؤُلاَءِ لِهَذَا، بِالحَرَى أَنْ تَصِحَّ لَهُمَا اللُّغَة، فَإِذَا أَرَدْتَ الفِقْهَ، فَكُتُبُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُدَ وَنُظرَائِهِمَا (١) .

قَالَ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ قُتَيْبَةَ، فَأَتَوْهُ بِأَيدِيهِم المحَابر، فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّمنَا مِنْهُم.

فَقَعَدُوا، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا - رَحِمَكَ اللهُ -.

قَالَ: لَيْسَ أَنَا مِمَّنْ يُحَدِّثُ، إِنَّمَا هَذِهِ الأَوْضَاعُ، فَمَنْ أَحَبَّ؟

قَالُوا لَهُ: مَا يَحِلُّ لَكَ هَذَا، فَحَدِّثْنَا بِمَا عِنْدَك عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، فَإِنَّا لاَ نَجِدُ فِيْهِ إِلاَّ طَبَقَتَكَ، وَأَنْتَ


= فغسل ظهر قدميه: وقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل ظهر قدميه لظننت أن بطونهما أحق بالغسل.
وأخرجه أحمد ١ / ١١٦ من طريق إسحاق بن يوسف، عن شريك عن السدي، عن عبد خير قال: رأيت عليا دعا بماء ليتوضأ، فمسح به تمسحا، ومسح على ظهر قدميه، ثم قال: هذا وضوء من لم يحدث، ثم قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح ظهر قدميه رأيت أن بطونهما أحق.
ثم شرب فضل وضوئه وهو قائم، ثم قال: أين الذين يزعمون انه لا ينبغي لأحد أن يشرب قائما؟.
وأخرج أبو داود (١٦٢) والدارقطني ١ / ١٩٩، والبيهقي ١ / ٢٩٢ من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن علي رضي الله عنه قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه.
صححه الحافظ في " التلخيص " ١ / ١٦٠، وحسنه في " بلوغ المرام " وانظر ما قاله البيهقي في " السنن " ١ / ٧٥ و٢٩٢.
(١) تقدم الخبر في ترجمة داود بن علي، في الصفحة: ١٠٢.