للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقُتِلَ الأَمِيْر بدر (١) ، وَكَانَ المعتضدُ يُحِبُّه، وَكَانَ شُجَاعاً جَوَاداً، وَقَدْ كَانَ القَاسِمُ الوَزِيْر هَمَّ عِنْد موت الْمُعْتَضد بنقلِ الخِلاَفَة إِلَى غَيْر ابْنه، وَنَاظَرَ بَدْراً فِي ذَلِكَ، فَأَبَى عَلَيْهِ، ثُمَّ خَافَ مِنْهُ، وَمَاتَ الْمُعْتَضد، وَاتَّفَقَ غَيْبَة بَدْر بفَارِس، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المكتفِي شَيْء، فَأَشَار القَاسِم عَلَى المكْتَفِي أَنْ يَأْمر بِإِقَامَة بَدْرٍ هُنَاكَ، وَخَوَّف المكتفِي مِنْهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَعَ يَانس الموفقي، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِخِلَعٍ وَعَشْرَةِ آلاَف أَلف دِرْهَم، فَقَالَ: لاَ بُدَّ مِنَ القُدُوم لأُشَاهد مَوْلاَيَ.

فَقَالَ الوَزِيْر للمكتفِي: قَدْ جَاهَرَك، وَلاَ نَأْمَنه.

وَكَاتَبَ الوَزِيْر الأُمَرَاء الَّذِيْنَ مَعَ بَدْر بِالمجِيْء، فَأَرُوا بدراً الكُتُبَ، وَقَالُوا: قُمْ مَعَنَا حَتَّى نَجْمَعَ بَيْنَكُمَا، ثُمَّ فَارقوهُ وَقدمُوا، ثُمَّ جَاءَ بدرٌ، فَنَزَلَ وَاسطاً، فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو خَازم القَاضِي، وَقَالَ: اذهبْ إِلَى بدرٍ بِالأَمَان وَالعُهُود.

فَامْتَنَعَ أَبُو خَازم، وَقَالَ: لاَ أُؤَدِّي عَنِ الخَلِيْفَة إِلاَّ مَا أَسمَعُه مِنْهُ.

فَنَدَب الوَزِيْر أَبَا عُمر القَاضِي، فسَارعَ وَاجتَمَعَ بِبَدْرٍ، وَأَعطَاهُ الأَمَان عَنِ المُكْتَفِي، فَنَزَلَ فِي طيَار ليَأْتِي، فَتَلَقَّاهُ لُؤْلُؤ غُلاَمُ الوَزِيْر فِي جَمَاعَةٍ، فَأَصعدُوهُ إِلَى جَزِيْرَة، فَلَمَّا عَايَنَ المَوْتَ، قَالَ: دعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَوصي، فَذَبحوهُ وَهُوَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، السَّابع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَذَمَّ النَّاسُ أَبَا عُمَر.

وَفِيْهَا (٢) : دَخَلَ عُبَيْد اللهِ المَهْدِيّ إِلَى المَغْرِب مُتَنَكِّراً، فَقَبَض عَلَيْهِ مُتَوَلِّي سِجِلْمَاسَة.

وَسَارَ يَحْيَى بن زَكْرَويه القِرْمِطي، وَحَاصَرَ دِمَشْق، وَبِهَا طُغج،


(١) انظره في: المنتظم: ٦ / ٣٤ - ٣٦، و: الكامل: ٧ / ٥١٧، ٥١٩، و: البداية والنهاية: ١١ / ٩٥.
(٢) تداخلت أحداث سنة (٢٨٩) مع سنة (٢٩٠) ، فالخبر الذي يذكره الذهبي هنا هو من حوادث سنة (٢٩٠) وقد ذكره الذهبي في " عبره ": ٢ / ٩٥، في أخبارها.