وَبَلاَغَتِهِ وَخَطِّهِ.
فَلَمَّا احْتُضِرَ، أَوْصَى بِهِ المُكْتَفِي، فَاسْتَكْتَبَهُ، وَقَرَّبَهُ، وَأَقْطَعَهُ مَغَلَّ خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: مَوْلِدُهُ لَيْلَةَ قَتْلِ المُتَوَكِّلِ، فَعَمِلَ لَهُ أَبُو مَعْشَرٍ مَوْلِداً، وَقَالَ: مَا أَعْجَبَ هَذَا الوَلَدِ! لَوْ كَانَ هَاشِمِيّاً، لَحَكَمْتُ لَهُ بِالخِلاَفَةِ، لَكِنْ أَحْكُمُ لَهُ بِالوَزَارَةِ.
قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ فِي ارْتِقَاءٍ.
وَمَرِضَ المُكْتَفِي، فَأَوْصَى إِلَيْهِ فِي وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ.
وَكَانَ ذَا كَرَمٍ وَتَحَرٍّ لِلْحَقِّ، كَانَ يَصِلُ إِلَيْهِ رِقَاعُ أَصْحَابِ الأَخْبَارِ فِي أَصْحَابِهِ، فَيَرْمِيهَا إِلَى أُوْلَئِكَ، وَيَضْحَكُ.
وَعَنِ القَاسِمِ الوَزِيْرِ: أَنَّهُ كَانَ يُعْجَبُ مِنْ سُرْعَةِ قَلَمِ العَبَّاسِ، وَيَقُوْلُ: تَسْبِقُ يَدُهُ لَفْظِي.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: وَأَنَا مَا رَأَيْتُ أَسْرَعَ مِنْ يَدِهِ!
وَقِيْلَ: أَسَرَّ سِرّاً إِلَى حَمَّادِ بنِ إِسْحَاقَ، فَلَمَّا وَلِيَ، قَالَ: أَوْكِ وِعَاءَكَ، وَعَمِّ طَرِيْقَكَ.
فَقَالَ: نَسِيْتُ سِقَائِي فَكَيْفَ أُوْكِيْهِ؟ وَضَلَلْتُ طَرِيقَهُ فَكَيْفَ أُعَمِّيْهِ؟
وَمِنْ شِعْرِهِ:
يَا قَاتِلِي بِالصُّدُودِ مِنْهُ، وَلَوْ ... يَشَاءُ بِالوَصْلِ كَانَ يُحْيِيْنِي
وَمَنْ يَرَى مُهْجَتِي تَسِيلُ عَلَى ... تَقْبِيلِ فِيْهِ وَلاَ يُوَاتِيْنِي
وَاحَرَبَى لِلْخِلاَفِ مِنْهُ، وَمِن ... خَلاَئِقَ فِيكَ ذَاتِ تَلْوِينِ
طَيْفُكَ فِي هَجْعَتِي يُصَافِيْنِي ... وَأَنْتَ مُسْتَيْقِظاً تُعَادِينِي
قَالَ الصُّوْلِيُّ: اشتَدَّ كِبْرُ العَبَّاسِ وَجَبَرِيَّتُهُ، ثُمَّ مَاتَ المُكْتَفِي، فَأَمَرَّ