للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِيَقُومُوا لَهُ، فَيَفْتِكُونَ بِهِ، فَبَدَرَ طَيَّارُهُ، فَسَبَقَ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ عَزْمُهُم.

وَكَانَ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الوَزِيْرُ يُخَوِّفُهُ القَتْلَ، وَخَاطَبَهُ ابْنُ الفُرَاتِ الوَزِيْرُ بِبَعْضِ ذَلِكَ، فَكَانَ يَسْتَهِينُ قَوْلَهُم، وَلاَ يَقْبَلُ نُصْحاً، وَيُدِلُّ بِهَيْبَتِهِ.

وَحَذَّرُوهُ مِنِ ابْنِ حَمْدَانَ، فَقَالَ: مَا أُؤَمِّلُ دَفْعَ مَا أَخَافُ إِلاَّ بِهِ بَعْدَ اللهِ.

وَحَدَثَ فِيْهِ كِبْرٌ لَمْ يَكُنْ، كَانَ يَرْكَبُ إِلَى بَابِ عَمَّارٍ، وَالقُوَّادُ وَالوُجُوهُ مُشَاةٌ، فَلاَ يَأْمُرُهُم بِرُكُوبٍ! وَذَلِكَ مَسَافَةٌ بَعِيْدَةٌ.

وَحَصَّنَ دَارَهُ، وَزَخْرَفَهَا، وَسَمَّاهَا: دَارَ السُّرُورِ، فَلَمَّا كَانَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، رَكِبَ المُقْتِدِرُ، وَرَجَعَ الوَزِيْرُ إِلَى دَارِهِ، فَسَارَ بَعْضُ العَازِمِينَ عَلَى الفَتْكِ بِهِ قُدَّامَهُ وَخَلْفَهُ، فَجَذَبَ ابْنُ حَمْدَانَ سَيْفَهُ، وَضَرَبَ الوَزِيْرَ، فَصَاحَ فَاتِكٌ المُعْتَضِدِيُّ: مَا هَذَا يَا كِلاَبُ؟!

فَضَرَبَهُ وَصِيْفُ بْنُ صُوَارتِكِيْنَ قَتَلَهُ، وَضَرَبَ ابْنُ كَيَغْلَغَ ابْنَهُ أَحْمَدَ فِي وَجْهِهِ، فَبَادَرَ الوَزِيْرُ، فَرَمَى نَفْسَهُ فِي بُسْتَانٍ، وَثَنَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الغَفَّارِ، فَتَلِفَ، فَبَادَرَ حَاجِبُهُ مَنْصُوْرٌ سَوْقاً، فَلَحِقَ المُقْتَدِرَ، فَأَخْبَرَهُ، فَأَجَازَهُ صَافِي إِلَى دَاخِلِ الحَلَبَةِ، وَسَارَ الجَيْشُ حَوْلَ سُورِهَا، وَاجتَمَعَ الَّذِيْنَ وَثَبُوا بِالعَبَّاسِ، فَدَخَلُوا بَغْدَادَ، وَصَارُوا كُلُّهُم إِلَى دَارِ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ، فَرَكِبَ مَعَهُم، فَأَجْلَسُوهُ فِي دِسْتِ الوَزَارَةِ، وَجَاءَ ابْنُ المُعْتَزِّ، فَتَلَقَّاهُ الكُلُّ، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ، وَمَضَوْا بِهِ إِلَى دَارِ سُلَيْمَانَ بنِ وَهَبٍ عِنْدَ المَغْرِبِ، وَنَهَبَتِ الجُنْدُ دَارَ العَبَّاسِ، وَأَحْرَقُوْهَا، وَأَخَذَ ابْنُ الجَرَّاحِ البَيْعَةَ، وَأُنْشِئَتِ الكُتُبُ إِلَى النُّوَابِ طُوْلَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى بِهِمُ ابْنُ المُعْتَزِّ الصُّبْحَ، وَأَتَاهُ القُضَاةُ وَالكِبَارُ، وَنَفَّذُوا إِلَى المُقْتَدِرِ: أَنَّ المُرْتَضِي بِاللهِ - أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ - قَدْ أَمَّنَكَ، وَأَمَرَكَ بِلُزُوْمِ دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ مَعَ أُمِّكَ وَجَوَارِيْكَ.

فَأَقبلَ رَسُوْلٌ خَادِمٌ مِنَ المُقْتَدِرِ، فَقَالَ: سَلاَمٌ عَلَيْكُم.

فَصَاحَ بِهِ ابْنُ الجَرَّاحِ وَالقُوَّادُ: سَلِّمْ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.

فَقَالَ: أَنَا رَسُوْلٌ، فَإِنْ سَمِعْتُمْ، وَإِلاَّ