ففارقت أسباب الهدى وتبعته ... على أي شيء ويب غيرك دلكا
على مذهب لم تلف أما ولا أبا ... عليه، ولم تعرف عليه أخا لكا
فاتصل الشعر بالنبي صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه. فكتب بجير إليه بذلك، ويقول له: النجاء وما أراك تنفلت. ثم كتب إليه: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا قبل ذلك منه، وأسقط ما كان قبل ذلك. فأسلم كعب، وقال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مكان المائدة من القوم، والقوم متحلقون معه حلقة دون حلقة، يلتفت إلى هؤلاء مرة فيحدثهم، وإلى هؤلاء مرة فيحدثهم.
قال كعب: فأنخت راحلتي، ودخلت، فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة، فتخطيت حتى
جلست إليه فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، الأمان يا رسول الله. قال:"ومن أنت"؟ قلت: أنا كعب بن زهير. قال:"الذي يقول": ثم التفت إلى أبي بكر، فقال:"كيف يا أبا بكر". فأنشده:
سقاك أبو بكر بكأس روية ... وأنهلك المأمور منها وعلكا
قلت: يا رسول الله، ما قلت هكذا. قال:"فكيف قلت"؟. قلت: إنما قلت:
وأنهلك المأمون منها وعلكا
فقال:"مأمون، والله".
قال: ثم أنشده:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيم إثرها لم يلف مكبول