للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ (١) ، فَلاَ يَظنُّ عَاقلٌ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَا تعقَّلَ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّه يَقْتَضِي أَنَّهُ عرف كِتَابَة اسْمِه وَاسمِ أَبِيْهِ، وَقَدْ أَخبر اللهُ بِأَنَّهُ - صلوَات الله عَلَيْهِ - مَا كَانَ يَدْرِي مَا الكِتَاب؟ ثُمَّ عَلَّمَهُ الله تَعَالَى مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَم.

ثُمَّ الكِتَابَةُ صِفَةُ مَدْحٍ، قَالَ تَعَالَى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم} [الْعلق:٤ ٥] فَلَمَّا بلَّغَ الرِّسَالَة، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دين الله أَفواجاً، شَاءَ اللهُ لنبيِّه أَنْ يَتَعَلَّم الكِتَابَة النَّادرَة الَّتِي لاَ يَخْرُج بِمثلِهَا عَنْ أَنْ يَكُوْنَ أُمِياً، ثُمَّ هُوَ القَائِلُ: (إِنَّا أُمَّةٌ أُمَيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ (٢)) .

فصدقَ إِخبارُهُ بِذَلِكَ، إِذِ الحُكم للغَالِب، فنفَى عَنْهُ وَعَنْ أُمته الكِتَابَة وَالحِسَاب لِندُور ذَلِكَ فِيهِم وَقِلَّته، وَإِلاَّ فَقَدْ كَانَ فِيهِم كُتَّابُ الوَحِي وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ فِيهِم مَنْ يَحسُب، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِيْنَ وَالحِسَابَ} [الإِسرَاء:١٢] .

وَمِنْ عِلمهُم الفَرَائِضُ، وَهِيَ تَحتَاجُ إِلَى حِسَاب وَعَوْل، وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فنفَى عَنِ الأُمَّةِ الحِسَاب، فعَلمنَا أَنَّ المنفيَّ كمَالُ علم ذَلِكَ وَدقَائِقه الَّتِي يَقُوْم بِهَا القِبْطُ وَالأَوَائِل، فَإِنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ دين الإِسْلاَم وَلله الْحَمد، فَإِنَّ القِبْطَ عَمَّقُوا فِي الحسَاب وَالجَبْر، وَأَشيَاء تُضيِّعُ الزَّمَان. وَأَربَابُ


(١) أخرجه البخاري: ١٠ / ٢٧٣ في اللباس: باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشئ أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم، ومسلم (٢٠٩٢) (٥٦) في اللباس والزينة: باب اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما لما أن يكتب إلى العجم، كلاهما من طريق شعبة عن قتادة، عن أنس قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم، فقيل له: إنهم لن يقرؤوا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة، ونقشه: محمد رسول الله. فكأنما إنظر إلى بياضه في يده.
(٢) أخرجه البخاري: ٤ / ١٠٨ في الصوم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكتب ولا نحسب، ومسلم (١٠٨٠) (١٥) في الصيام: باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، من طريق شعبة، عن الأسود بن قيس، عن سعيد بن عمرو بن سعيد، عن ابن عمر رضي الله عنهما..وتمامة: الشهر هكذا وهكذا يعني: مرة تسعا وعشرين، ومرة ثلاثين ".