للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ، فَعُرض عَلَى ابْنِ عَطَاءٍ، فَقَالَ: هَذَا اعْتِقَادٌ صَحِيْح، وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ هَذَا فَهُوَ بِلاَ اعْتِقَاد.

فَأُحضر إِلَى الوَزِيْرِ، فَجَاءَ، وَتصدَّر فِي المَجْلِسِ، فغَاظ الوَزِيْر ذَلِكَ، ثُمَّ أُخرج ذَلِكَ الخطّ فَقَالَ: أَتصوِّبُ هَذَا؟

قَالَ: نَعَمْ، مَا لَك وَلِهَذَا؟ عَلَيْك بِمَا نُصِبْتَ لَهُ مِنَ المُصَادرَة وَالظُّلم، مَا لَك وَلِلْكَلاَمِ فِي هَؤُلاَءِ السَّادَة؟

فَقَالَ الوَزِيْر: فَكَّيْهِ.

فَضُرِبَ فَكَّاهُ، فَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ سَلَّطْتَ هَذَا عليَّ عُقوبَةً لدُخُوْلِي عَلَيْهِ.

فَقَالَ الوَزِيْر: خُفَّه يَا غُلاَم.

فَنزع خُفَّه.

فَقَالَ: دمَاغَه.

فَمَا زَالَ يضْرب دمَاغه حَتَّى سَالَ الدَّم مِنْ مَنْخِرَيه.

ثُمَّ قَالَ: الحَبْس.

فَقِيْلَ: أَيُّهَا الوَزِيْر؟ يتشوَّش العَامَّة.

فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ.

وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: حضَرتُ بَيْنَ يدِي أَبِي الحَسَنِ بنِ بَشَّارٍ، وَعِنْدَهُ أَبُو العَبَّاسِ الأَصْبَهَانِيّ، فَذَاكره بقصَّة الحَلاَّج، وَأَنَّهُ لَمَّا قُتل كتب ابْنُ عَطَاء إِلَى ابْنِ الحَلاَّج كِتَاباً يعزِّيه عَنْ أَبِيْهِ، وَقَالَ: رَحِمَ اللهُ أَبَاك، وَنسخَ رُوحه فِي أَطيبِ الأَجسَاد.

فدلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَقُوْلُ بالتَّنَاسخ، فَوَقَعَ الكِتَابُ فِي يَد حَامِد، فَأَحضر أَبَا العَبَّاسِ بنَ عَطَاء وَقَالَ: هَذَا خَطَّكَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: فَإِقرَارُك أَعْظَم.

قَالَ: فَشَيْخٌ يكذب؟!

فَأَمر بِهِ، فَصُفِعَ.

فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ بَشَّار: إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَ اللهُ حَامِد بن العَبَّاسِ الجَنَّة بِذَلِكَ الصَّفْع.

قَالَ السُّلَمِيُّ (١) :أَكْثَر المَشَايِخ ردُّوا الحَلاَّج وَنَفَوهُ، وَأَبَوْا أَنْ يَكُوْنَ لَهُ قَدَمٌ فِي التَّصَوُّف، وَقبله ابْنُ عَطَاء، وَابْنُ خَفِيْف، وَالنَّصْر آباذِيّ.

قُلْتُ: قَدْ مرَّ أَنَّ ابْنَ خَفِيْف عُرِض عَلَيْهِ شَيْء مِنْ كَلاَم الحَلاَّج، فَتبرَّأَ مِنْهُ.


(١) في " الطبقات " ٣٠٨ ٣٠٧.