للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العَتَمَةَ، فَوَجَدهَا مفروَغَةً، وَضجُّوا لَهُ بِالدُّعَاءِ، وَزَادَ رَأْسَ مَالِ صَاحِبهَا خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ.

وَقِيْلَ: إِنَّ تَاجِراً أَخذَ خُبزاً بِدِرْهَمٍ لِيتصَدَّقَ بِهِ بِوَاسِطَ، فَمَا رَأَى فَقِيْراً يُعْطِيهِ، فَقَالَ لَهُ الخَبَّازُ: لاَ تَجِدُ أَحَداً؛ لأَنَّ جَمِيْعَ الضُّعَفَاءِ فِي جِرَايَةِ حَامِدٍ.

قَالَ الصُّوْلِيُّ: وَكَانَ كَثِيْرَ المُزَاحِ، سَخِيّاً، وَكَانَ لاَ يرغبُ فِي اسْتمَاعِ الشِّعرِ، وَكَانَ إِذَا خُولِفَ فِي أَمرٍ، يَصيحُ، وَيَحْرَدُ، فَمَنْ دَارَاهُ، انْتَفَعَ بِهِ.

قَالَ نِفْطَوَيْه: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قِيْلَ لِبَعْضِ المَجَانِيْنِ: فِي كَمْ يَتَجَنَّنُ الرَّجُلُ؟

فَقَالَ: ذَاكَ إِلَى صِبيَانِ المحلَّةِ.

وَكَانَ ثَالثَ يَوْمٍ مِنْ وِزَارَتِهِ قَدْ نَاظَرَ ابْنَ الفُرَاتِ، وَجَبَهَهُ، وَأَفحشَ لَهُ، وَجَذَبَ بِلِحيَتِه، وَعَذَّبَ أَصْحَابَه، فَلَمَّا انعكَسَ الدَّسْتُ، وَعُزِلَ بِابْنِ الفُرَاتِ، تَنمَّرَ لَهُ ابْن الفُرَاتِ، وَوبَّخَه عَلَى فِعَالِه، فَقَالَ:

إِنْ كَانَ مَا اسْتَعمَلتُهُ فِيْكُم أَثْمَرَ لِي خَيراً، فَزِيدُوا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً وَصَيَّرنِي إِلَى التَّحكُّمِ فِيَّ، فَالسَّعِيْدُ مَن وُعِظَ بِغَيْرِهِ.

قَالَ الصُّوْلِيُّ: فَسُلِّمَ حَامِدٌ إِلَى المحسّنِ، فَعذَّبَه بِأَلوَانِ العَذَابِ، وَكَانَ إِذَا شَرِبَ، أَخرجَهُ، وَأَلبَسَهُ جِلدَ قِردٍ، وَيُرَقَّصُ، فَيُصفَعُ، وَفُعِلَ بِهِ مَا يُسْتَحْيَى مِنْ ذِكرِه، ثُمَّ أُحدِرَ إِلَى وَاسِطَ، فَسُقيَ، وَصَلَّى النَّاسُ عَلَى قَبْرِهِ أَيَّاماً.

قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: تُوُفِّيَ بِوَاسِطَ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامِ ابْنِ الفُرَاتِ نُقلَ، فَدُفِنَ بِبَغْدَادَ.

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدتُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ، وَأَبِي مِنَ الشهَاردَةِ.

قُلْتُ: مَوْتُهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.