يفتحوا له، فأبى عليهم أخوه. فلما رأى ذلك قال لخالد: أيها الرجل، حلني، فلك الله لأفتحنها لك، إن أخي لا يفتحها ما علم أني في وثاقك. فأطلقه خالد، فلما دخل أوثق أخاه وفتحها لخالد، ثم قال: اصنع ما شئت. فدخل خالد وأصحابه.
ثم قال: يا خالد، إن شئت حكمتك، وإن شئت حكمتني. فقال خالد: بل نقبل منك ما أعطيت. فأعطاهم ثمان مائة من السبي وألف بعير وأربع مائة درع وأربع مائة رمح.
وأقبل خالد بأكيدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل معه يحنة بن رؤبة عظيم أيلة. فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشفق أن يبعث إليه كما بعث إلى أكيدر، فاجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاضاهما على قضيته؛ على دومة وعلى تبوك وعلى أيلة وعلى تيماء، وكتب لهم به كتابا، ورجع قافلا إلى المدينة.
ثم ذكر عروة قصة في شأن جماعة من المنافقين هموا بأذية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلعه الله على كيدهم. وذكر بناء مسجد الضرار.
وذكر ابن إسحاق، عن ثقة من بني عمرو بن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل من تبوك حتى نزل بذي أوان؛ بينه وبين المدينة ساعة من نهار. وكان مسجد الضرار قد أتوه، وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة، وإنا نحب أن تأتي فتصلي لنا فيه. فقال: إني على جناح سفر، فلو رجعنا -إن شاء الله- أتيناكم. فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي أوان، أتاه خبر السماء، فدعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدي، فقال:"انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وأحرقاه". فخرجنا سريعين حتى دخلاه وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه. ونزل فيه من القرآن ما نزل.