أَنَّهُ قَالَ:
مَا أَعْلَم مِنْبَراً مِنْ مَنَابِرِ الإِسْلاَمِ بَقِيَ عَلَيَّ لَمْ أَدخُلْهُ لِسَمَاعِ الحَدِيْثِ.
أَقُولُ: هَذَا يَقُوْلُهُ الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِ المُبَالَغَةِ، وَإِلاَّ فَهُوَ لَمْ يَدْخُلِ الأَنْدَلُسَ وَلاَ المَغْرِبَ، وَلاَ أَظُنُّ أَنَّهُ عَنَى إِلاَّ المَنَابِرَ الَّتِي بِحَضْرتِهَا رِوَايَةُ الحَدِيْثِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَمْشِي بِمِصْرَ، وَفِي كُمِّي مائَةُ جُزْءٍ، فِي كُلِّ جُزْءٍ أَلفُ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى دِقَّةِ خَطِّه، وَإِلاَّ فَأَلفُ حَدِيْثٍ بِخَطٍّ مُفَسَّرٍ تَكُونُ فِي مُجَلَّدٍ، وَالكُمُّ إِذَا حُمِلَ فِيْهِ أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ فَبِالجَهْدِ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ يَقُوْلُ:
كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ يَمْشِي بِمِصْرَ وَفِي كُمِّهِ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ، كَانَتْ أَجزَاؤُهُ صِغَاراً بِخَطٍّ دَقِيقٍ، فِي الجُزْءِ أَلفُ حَدِيْثٍ مَعْدُوْدَةٌ، وَصَارَ هَذَا كَالمَشْهُوْرِ مِنْ شَأْنِهِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ المُسَيَّبَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبِي يَوْم السَّبتِ، النِّصْفَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: مَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: مُحَدِّثُ دِمَشْقَ؛ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ الغَسَّانِيُّ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ؛ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الخَثْعَمِيُّ الأُشْنَانِيُّ.
وَالأَخْفَشُ الصَّغِيْرُ؛ عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ النَّحْوِيُّ البَغْدَادِيُّ.
وَالمُحَدِّثُ القَاضِي أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِيْنِيُّ.