للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ القَصْرِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ الحُسَيْنَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ عَامِرٍ الكُوْفِيَّ يَقُوْلُ:

قَدِمَ البَغَوِيُّ إِلَى الكُوْفَةِ، فَاجتَمَعنَا مَعَ ابْنِ عُقْدَةَ إِلَيْهِ لِنَسْمَعَ مِنْهُ، فَسَأَلنَا عَنْهُ، فَقَالَتِ الجَارِيَةُ: قَدْ أَكَلَ سَمَكاً، وَشَرِبَ فُقَّاعاً (١) ، وَنَامَ، فَعَجِبَ ابْنُ عُقْدَةَ مِنْ ذَلِكَ لِكِبَرِ سِنِّهِ، ثُمَّ أَذِنَ لَنَا، فَدَخَلْنَا.

فَقَالَ: يَا أَبَا العَبَّاسِ! حَدَّثَتْنِي أُخْتِي أَنَّهَا كَانَتْ نَازِلَةً فِي بَنِي حِمَّانَ، وَكَانَ فِي المَوْضِعِ طَحَّانٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ لِغُلاَمِه: اصمِدْ أَبَا بَكْرٍ.

فَيَصمِدُ البَغلُ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُوْلُ: اصْمِدْ عُمَرُ.

فَيَصْمِدُ الآخَرُ.

فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُقْدَةَ: يَا أَبَا القَاسِمِ، لاَ تَحْمِلكَ عَصَبِيَّتُك لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ أَنْ تَقُولَ فِي أَهْلِ الكُوْفَةِ مَا لَيْسَ فِيْهِم، مَا رَوَى: (خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ (٢)) عَنْ عَلِيٍّ إِلاَّ أَهْلُ الكُوْفَةِ، وَلَكِنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ رَوَوُا: أَنَّ عَلِيّاً لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرٍ إِلاَّ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (٣) .

فَقَالَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ: يَا أَبَا العَبَّاسِ! لاَ تَحْمِلكَ عَصَبِيَّتُك لأَهْلِ الكُوْفَةِ عَلَى أَنْ تَتَقَوَّلُ عَلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ.

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخرَجَ الكُتُبَ، وَانبَسَطَ، وَحَدَّثَنَا (٤) .


(١) الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي به لما يعلوه من الزبد.
(٢) الخبر في " تاريخ بغداد " ١٠ / ٢٦، وأخرج البخاري: ٧ / ٢٦ في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، وأبو داود (٤٦٢٩) في السنة: باب في
التفضيل، من طريق محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا جامع بن راشد، حدثنا أبو يعلى، عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
وأخرجه ابن ماجه (١٠٦) في المقدمة، من طريق علي بن محمد: حدثنا وكيع، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: " سمعت عليا يقول: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وخير الناس بعد أبي بكر عمر ".
(٣) الخبر في تاريخ بغداد ١٠ / ١١٤، وانظر صحيح مسلم (١٧٥٩) في الجهاد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركنا صدقة.
(٤) " تاريخ بغداد " ١٠ / ١١٥ ١١٤.