والذي عندي أن الذي أوقع الناس (١) في هذه المزلقة أمران: أولهما عدم دراسة المجلد الثالث عشر دراسة جيدة والنظر إلى المترجمين فيه نظرة فاحصة منقبة.
وثانيهما: هو ترجمة السلطان الملك المنصور نور الدين علي ابن السلطان الملك المعز أيبك التركماني الذي ذكر المؤلف الذهبي أنه تأخر إلى قريب سنة (٧٠٠) هـ، لكن الدارسين لم ينتبهوا إلى أن الذهبي، إنما ذكره بسبب توليه الحكم بعد مقتل والده المعز أيبك سنة ٦٥٥ هـ، وأنه لم يبق في السلطنة غير سنتين ونصف إذ عزل في أواخر سنة ٦٥٧ هـ حينما تولى سيف الدين قطز السلطنة، فالذي ذكره الذهبي عن بقائه فيما بعد إنما هو من باب الاستطراد لا غير، وقد كان من منهج الذهبي في هذا الكتاب أن يجمع الأقرباء في مكان واحد كما سيأتي بيانه لاحقا.
٣ - قلنا إن الذهبي ألف كتابه هذا في أربعة عشر مجلدا، وطلب من النساخ أن يستخرجوا المجلدين الأول والثاني من " تاريخ الإسلام " وهما اللذان يتضمنان السيرة النبوية، وسير الخلفاء الأربعة، كما هو مثبت بخطه في طرة المجلد الثالث من الكتاب.
وقد نصت وقفية الكتاب على المدرسة المحمودية بالقاهرة وهي الوقفية المثبت نصها على جميع المجلدات أن الموقوف منه اثنا عشر مجلدا، وقد جاء في نص الوقفية المدونة على المجلد الثالث، وهو أول المجلدات التي وصلت إلينا - ما نصه: " وقف وحبس وسبل المقر الأشرف العالي الجمالي محمود أستادار
(١) أول من قال بذلك هو الدكتور الفاضل صلاح الدين المنجد، وتابعته في وهمه أنا في كتابي " الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام: ١٧٠ من طبعة القاهرة " وعذري أنني كنت آنذاك معنيا " بتاريخ الإسلام "، وكان كلامي على السير عارضا، أما هو فقد كان من المفروض أنه خبر الكتاب وسبر غوره.