للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَاضِي: لمَا تَمَّ أَمر المُقْتَدِر اسْتصباهُ الوَزِيْر العَبَّاس، وَخَاض النَّاسُ فِي صِغَرِهِ، فَعَمِلَ الوَزِيْرُ عَلَى خَلْعِه، وَإِقَامَة أَخِيْهِ مُحَمَّد (١) .

ثُمَّ إِنَّ مُحَمَّداً، وَصَاحِبَ الشُرْطَة، تنَازعَا فِي مَجْلِسِ الوَزِيْر، فَاشتطَّ صَاحِب الشُّرْطَة فَاغتَاظ مُحَمَّد كَثِيْراً، فَفُلِجَ لِوَقْتِهِ، وَمَاتَ بَعْد أَيَّام.

ثُمَّ اتَّفَقَ جَمَاعَةٌ عَلَى تَوْليَةِ ابْن المُعْتز، فَأَجَابهُم بِشَرْطِ أَنْ لاَ يسفَكَ دَمٌ.

وَكَانَ رَأْسهُم مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ، وَأَبُو المُثَنَّى أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ القَاضِي وَالحُسَيْن بنُ حَمْدَانَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى الفَتْك بِالمُقْتَدِر، وَوَزِيْرِه، وَفَاتك.

فَفِي العِشْرِيْنَ مِنْ ربيع الأَوَّل سنَةَ سِتّ (٢) ، رَكِبَ الملأُ، فَشَدَّ الحُسَيْنُ عَلَى الوَزِيْر فَقَتَلَهُ.

فَأَنْكَرَ فَاتك، فَعَطَفَ عَلَيْهِ الحُسَيْنُ فَقَتَلَهُ، وَسَاقَ إِلَى المُقْتَدِرِ، وَهُوَ يلعبُ بِالصَّوَالِجَة (٣) ، فسَمِعَ (٤) الضَّجَّةَ فَدَخَلَ الدَّارَ، فَرُدَّ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى المُخَرَّم (٥) ، فَنَزَلَ بِدَارِ سُلَيْمَانَ بن وَهْبٍ، وَأَتَى ابْنُ المُعْتَزّ، وَحضَرَ الأُمَرَاءُ وَالقُضَاةُ سِوَى حَاشيَةِ المُقْتَدِر، وَابْنِ الفُرَاتِ، وَبَايعُوا عَبْدَ اللهِ بنَ المُعْتَزّ، وَلقبوهُ الغَالِبَ بِاللهِ (٦) .

فوَزَرَ ابْنُ الجَرَّاح (٧) ، وَنُفِّذت الكُتُب،


(١) كذا في الأصل، وهو وهم، والصواب " ابن عمه محمد " وهو محمد بن المعتمد..كما في " الكامل ": ٨ / ١١ أما أخوه محمد - القاهر بالله - فقد ولي الخلافة بعده كما سيأتي في ترجمته ص / ٩٨ / من هذا الجزء.
(٢) وتسعين ومئتين.
(٣) الصوالجة: ج، مفردها: صولجان - فارسي معرب - وهو عصا يعطف طرفها، يضرب بها الكرة على الدواب.
أما العصا التي اعوج طرفاها خلقة في شجرتها فهي المحجن. " اللسان ": (صلج) .
(٤) أي المقتدر.
(٥) محلة كانت ببغداد بين الرصافة ونهر المعلى.
(٦) في " تاريخ الطبري ": ١٠ / ١٤٠، لقبوه: الراضي بالله.
(٧) هو محمد بن داود بن الجراح، أبو عبد الله، أديب من علماء الكتاب، وهو عم الوزير علي بن عيسى - الذي ستأتي ترجمته ص / ٢٩٨ / - وكان محمد صديقا لعبد الله بن المعتز. " تاريخ بغداد ": ٥ / ٢٥٥.