للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ فِي طَائِفَةٍ قَلِيْلَة، فَانكشفَ جمعُه، فيرمِيه بربرِيٌ فَسقَطَ فذُبِحَ، وَرُفع رأْسُه عَلَى رمح وَسلَبُوهُ، فَسُترت عورتُه بِحَشِيشٍ، ثُمَّ طُمَّ وَعُفِي أَثره (١) .

وَنَقَل الصُّوْلِيُّ أَنَّ قَاتله غُلاَمٌ لبُلَيق (٢) ، كَانَ مِنَ الأَبطَال.

تعجَّبَ النَّاس مِنْهُ مِمَّا عَمِلَ يَوْمَئِذٍ مِنْ فنُوْن الْفُرُوسِيَّة، ثُمَّ شَدَّ عَلَى المُقْتَدِر بحربَته، أَنفذهَا فِيْهِ، فصَاح النَّاسُ عَلَيْهِ، فسَاقَ نَحْو دَار الخِلاَفَة ليخرِجَ القَاهرَ فصَادَفَه حِمْل شَوْك، فزحَمَتْه إِلَى قِنَّار (٣) لحَّام فعلَّقَه كُلاَّب، وَخَرَجَ مِنْ تَحْته فَرَسُه فِي مِشوَاره، فحطَّه النَّاس وَأَحرقوهُ بِحمْل الشَّوْك (٤) .

وَقِيْلَ: كَانَ فِي دَارِ المُقْتَدِر أَحَدَ عشرَ أَلف غُلاَم خِصيَان غَيْرُ الصَّقَالبَة وَالرُّوْم.

وَكَانَ مُبذِّراً لِلْخزَائِن حَتَّى احْتَاجَ، وَأَعطَى ذَلِكَ لِحظَايَاهُ، وَأَعطَى وَاحِدَةً الدُّرَّةَ اليَتيمَة الَّتِي كَانَ زِنَتُهَا ثَلاَثَة مثَاقيل.

وَأَخَذَتْ قَهْرَمَانَة سُبْحَةَ جَوْهر مَا سُمِعَ بِمثلهَا (٥) .

وَفرَّق سِتِّيْنَ حُبّاً (٦) مِنَ الصِّينِي مملوءةٌ غَاليَة (٧) .

قَالَ الصُّوْلِيُّ: كَانَ المُقْتَدِر يفرِّق يَوْمَ عَرَفَة مِنَ الضَّحَايَا تِسْعِيْنَ أَلفَ رَأْس.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَتلفَ مِنَ المَال ثَمَانِيْنَ أَلف ألف دِيْنَار، عثَّر نَفْسَه بِيَدِهِ.


(١) " الكامل ": ٨ / ٢٤١ - ٢٤٣.
(٢) في بعض كتب التاريخ " يلبق " وهو أحد القادة العباسيين، وممن ساعد على قتل
المقتدر وقد قتله القاهر بالله سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
(٣) القنار، والقنارة، بكسرهما: الخشبة يعلق عليها القصاب اللحم، يقال: إنه ليس من كلام العرب.
" تاج العروس ": (القنور) .
(٤) ضعف ابن دحية في " النبراس ": ١١١ هذه الرواية، وقال: " فالصحيح أن قتله كان بالسيف في الحرب بينه وبين مؤنس الخادم الملقب بالمظفر ". وقد أورد السيوطي هذا الخبر وكأنه جرى أثناء المعركة. " تاريخ الخلفاء ": ٣٨٤.
(٥) " المنتظم ": ٦ / ٧٠.
(٦) الحب، بالضم: الجرة، صغيرة كانت أو كبيرة.
(٧) الغالية: طيب معروف.