للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَخَذَ عَنْ: أَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الجُبَّائِيّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَسَهْلِ بن نُوْح، وَطَبَقَتِهِم، يَرْوِي عَنْهُم بِالإِسْنَاد فِي تَفْسِيْره كَثِيْراً.

وَكَانَ عجباً فِي الذَّكَاء، وَقوَة الفهمِ.

وَلَمَّا بَرَعَ فِي مَعْرِفَةِ الاعتزَال، كرِهه وَتبرَّأَ مِنْهُ، وَصَعِدَ لِلنَّاسِ، فتَابَ إِلَى اللهِ تَعَالَى مِنْهُ، ثُمَّ أَخذ يُردُّ عَلَى المُعْتَزِلَة، وَيهتِك عِوَارَهُم.

قَالَ الفَقِيْه أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ: كَانَتِ المُعْتَزِلَةُ قَدْ رفعُوا رُؤُوْسهُم، حَتَّى نشَأَ الأَشْعَرِيُّ فحجرهُم فِي أَقمَاع السِّمْسِم (١) .

وَعَنِ ابْنِ البَاقلاَنِيِّ قَالَ: أَفْضَل أَحْوَالِي أَنْ أَفهَمَ كَلاَمَ الأَشْعَرِيّ (٢) .

قُلْتُ: رَأَيْتُ لأَبِي الحَسَن أَرْبَعَة توَالِيف فِي الأُصُوْل يذكرُ فِيْهَا قوَاعدَ مَذْهَبِ السَّلَف فِي الصِّفَات، وَقَالَ فِيْهَا: تُمَرُّ كَمَا جَاءت.

ثُمَّ قَالَ: وَبِذَلِكَ أَقُول، وَبِهِ أَدين، وَلاَ تُؤوَّل.

قُلْتُ: مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حطَّ (٤) عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الحَنَابِلَة وَالعُلَمَاء.

وَكُلُّ أَحَد فيُؤخذ مِنْ قَوْله وَيترك، إِلاَّ مَنْ عصم اللهُ تَعَالَى اللَّهُمَّ اهدنَا، وَارحمنَا (٥) .


(١) انظر " الإصابة ": ١ / ٣٦٣ - ٣٦٤.
(٢) " تاريخ بغداد ": ١١ / ٣٤٧.
(٣) " طبقات الشافعية ": ٣ / ٣٥١.
(٤) يقال: حط في عرض فلان: إذا اندفع في شتمه.
(٥) في تناول السبكي للذهبي في ترجمته لأبي الحسن الأشعري شيء من الحدة في النقد، ولم أقع على ترجمة الأشعري في ما طبع من " تاريخ الذهبي " الذي أشار إليه السبكي، والحق، أن الذهبي كان في غاية الاعتدال حين ترجم للاشعري في كتابنا هذا، ترى هل رجع عما كان يعتقده في حقه، أم أن السبكي أفرط في تأويل كلام الذهبي؟.
انظر " طبقات الشافعية ": ٣ / ٣٥٢ - ٣٥٣، ومقدمة سير أعلام النبلاء: ١ / ١٢٨.