للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحُمِلُوا إِلَى البَصْرَةِ.

فَعَاقب الله الوَزِيْر ابْنَ مُقْلَة (١) ، وَأَعَاد الله البَرْبَهَارِيَّ إِلَى حشمته، وَزَادت، وَكَثُرَ أَصْحَابُه.

فَبَلغنَا أَنَّهُ اجتَازَ بِالجَانب الغربِي، فعَطَس فَشَمَّتَه (٢) أَصْحَابُه، فَارْتَفَعَتْ ضجَّتُهم، حَتَّى سَمِعَهَا الخَلِيْفَةُ، فَأُخبر بِالحَال، فَاسْتهولهَا، ثُمَّ لَمْ تزلِ المُبتدعَةُ تُوحِش قلبَ الرَّاضِي، حَتَّى نُوديَ فِي بَغْدَاد: لاَ يَجْتَمِع اثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِ البَرْبَهَارِيّ، فَاخْتَفَى، وَتُوُفِّيَ مستتراً فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (٣) ، فَدُفِنَ بِدَار أُخْت توزون (٤) فَقِيْلَ:

إِنَّهُ لمَّا كُفَّن، وَعِنْدَهُ، الخَادِم، صَلَّى عَلَيْهِ وَحدَهُ، فَنَظَرتْ هِيَ مِنَ الرَّوْشَن (٥) ، فرأَت البَيْت ملآنَ رجَالاً فِي ثِيَاب بيض، يُصلُّوْنَ عَلَيْهِ، فَخَافتْ وَطلبت الخَادِم، فحلَفَ أَنَّ البَابَ لَمْ يُفتحْ (٦) .

وَقِيْلَ: إِنَّهُ ترَكَ مِيرَاثَ أَبِيْهِ توَرُّعاً، وَكَانَ سَبْعِيْنَ أَلْفاً (٧) .

قَالَ ابْنُ النَّجَّار (٨) :رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ،


(١) ستأتي ترجمته رقم / ٨٦ / من هذا الجزء.
(٢) شمت العاطس، وسمت عليه: دعا له أن لا يكون في حال يشمت به فيها.
والسين لغة.
" لسان العرب " (شمت) .
(٣) في " طبقات الحنابلة ": ٢ / ٤٤ " سنة تسع وعشرين ".
(٤) توزون، أحد القواد الاتراك، خلع عليه المتقي وجعله أمير الامراء، ودامت إماراته حتى وفاته سنة / ٣٣٤ / هـ وهو الذي سمل المتقي بالله وخلعه، وبايع المستكفي.
أخباره في " الكامل ": ٨ / ٣٣٩ وما بعدها..وسيأتي نتف منها في ترجمة المتقي بالله ص / ١٠٤ / من هذا الجزء.
(٥) الكوة.
(٦) " طبقات الحنابلة ": ٢ / ٤٤ - ٤٥.
(٧) " طبقات الحنابلة ": ٢ / ٤٣.
(٨) هو محمد بن محمود بن الحسن، أبو عبد الله، ابن النجار، مؤرخ، حافظ للحديث من أهل بغداد، من كتبه " ذيل تاريخ بغداد " توفي سنة / ٦٤٣ / هـ له ترجمة في " طبقات الشافعية ": ٥ / ٤١ (ط ١)