للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَده فَتخرَّق، هَذَا وَرِجْلُه فِي الرِّكَاب، فشبَّ بِهِ الفرسُ فَوَقَعَ.

فصَاح ابْنُ حَمْدَانَ بغِلْمَان: اقتلُوهُ، فَاعْتَورَتْه السُّيوفُ فَاضطرب أَصْحَابُه خَارجَ المخيَّم.

وَدُفِنَ وَعُفِي أَثرُه، وَنُهبَتْ أَمْوَالُه (١) .

فَذكر رَجُلٌ أَنَّهُ وَجَد كِيساً فِيْهِ أَلف دِيْنَارٍ، وَخَافَ مِنَ الجُنْدِ.

قَالَ: فرمَيْتُه فِي قِدْرِ سِكْبَاج (٢) ، وَحمَلْتُهَا عَلَى رَأْسِي فسَلِمْتُ، وَجَاءَ ابْنُ حمَدَان إِلَى المُتَّقِّي وَقَالَ:

إِنَّ ابْنَ رَائِق هَمَّ بِقَتْلِي، فَقلَّدَه مَكَانَ ابْنِ رَائِق، وَلقَّبه يَوْمَئِذٍ نَاصر الدَّوْلَة وَلقَّب أَخَاهُ سَيْف الدَّوْلَة وَعَادَ بِهِمْ.

فَهَرَبَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ البَريديّ مِنْ بَغْدَادَ (٣) ، وَسَارَ بَدْر الخَرْشَنِيٌّ فَولِيَ دِمَشْق.

ثُمَّ بَعْد شَهْر أُرجفَ بِمجِيْء ابْن البَرْيديّ، فَانْجَفَلَ النَّاسُ، وَخَرَجَ المُتَّقِّي ليَكُوْنَ مَعَ نَاصرِ الدَّوْلَةِ، وَتوجَّه سَيْفُ الدَّوْلَة لمحَاربَةِ ابْنِ البَريديّ، فَكَانَتْ بينهُمَا مَلْحَمَةٌ بقُرْبِ المَدَائِن.

فَاقْتَتَلُوا يَوْمَيْنِ، فَانكسرَ سَيْفُ الدَّوْلَة أَوَّلاً، فردَّ نَاصرُ الدَّوْلَة الفلَّ، ثُمَّ كَانَتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى ابْنِ البَريدِيّ وَرُدَّ فِي وَيْل إِلَى وَاسِطٍ.

وَتَبِعَهُ سَيْفُ الدَّوْلَة فَانهزمَ إِلَى البَصْرَةِ (٤) ، وَمِنْ ثُمَّ تَزَوَّجَ أَبُو مَنْصُوْرٍ إِسْحَاقُ بنُ المُتَّقِّي ببنتِ نَاصرِ الدَّوْلَة عَلَى مَائَتَي أَلف دِيْنَار، وَتَمَكَّنَ نَاصر الدَّوْلَة، وَأَخَذَ ضِيَاعَ المُتَّقِّي، وَصَادَرَ الدَّوَاوِيْن، وَظَلَمَ.

ثُمَّ بلَغَه هُرُوب أَخِيْهِ سَيْفِ الدَّوْلَة مِنْ وَاسِطٍ، فَخَافَ نَاصرُ الدَّوْلَة، وَرُدَّ إِلَى المَوْصِل وَنُهِبَتْ دَارُه (٥) ، وَاستَوْزَرَ عَلِيَّ بنَ أَبِي عَلِيّ بنِ مُقلَة، وَأَقبلَ تَوزُون مِنْ وَاسِطٍ فَخَلَعَ عَلَيْهِ المُتَّقِّي، وَلقَّبَه أَمِيْرَ الأُمَرَاءِ، وَلَكِنْ مَا تَمَّ


(١) " الكامل ": ٨ / ٣٨٢.
(٢) السكباج: بالكسر، معرب عن سركه باجه، وهو: لحم يطبخ بخل.
" تاج العروس ": ٢ / ٥٩.
(٣) " الكامل ": ٨ / ٣٨٣ - ٣٨٤.
(٤) " الكامل ": ٨ / ٣٨٤ - ٣٨٥.
(٥) " الكامل ": ٨ / ٣٩٦ - ٣٩٧.