للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهَاءُ الدَّوْلَةِ أَمْرَ القَادِرِ وَأَنَّهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ.

وَنُوديَ بِذَلِكَ، وَأُشهد عَلَى الطَّائِعِ بِخَلْعِ نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ سَلَّمَ الخِلاَفَة إِلَى القَادِرِ بِاللهِ، وَشَهِدَ الكُبَرَاءُ بِذَلِكَ، ثُمَّ طُلبَ القَادِرُ، وَاسْتحثُّوهُ عَلَى القدومِ، وَاسْتبُيحتْ دَارُ الخِلاَفَة حَتَّى نُقِضَ خشبُهَا (١) .

وَكَتَبَ القَادِرُ: مِنْ عَبْدِ اللهِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ القَادِرِ بِاللهِ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وضيَاءِ المِلَّةِ أَبِي نَصْر بنِ عضُدِ الدَّوْلَةِ.

سلاَمٌ عَلَيْك.

أَمَّا بَعْدُ: أَطَالَ اللهُ بقَاءَك وَأَدَام عِزَّك، وَرَد كِتَابُك بِخَلْعِ العَاصي المتلقِّب بِالطَّائِع لبوَائِقهِ وَسُوءِ نيَّتِهِ.

فَقَدْ أَصبحت سَيْفَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ المُبِير (٢) .

ثُمَّ فِي السَّنَة الآتيَةِ سُلِّمَ الطَّائِعُ المخلوعُ إِلَى القَادِرِ فَأَنزله فِي حُجْرَةٍ موكّلاً بِهِ، وَأَحسنَ صيَانَتَه، وَكَانَ المخلوعُ يُطلب مِنْهُ أُمُوراً ضخمَةً، وَقدِّمت بَيْنَ يَدَيْهِ شَمْعَة قَدِ اسْتُعملتْ فَأَنكرَ ذَلِكَ، فَأَتْوهُ بجَدِيْدَةٍ (٣) ، وَبَقِيَ مُكَّرماً إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ (٤) .

وَمَا اتَّفَقَ هَذَا الإِكرَامُ لخَلِيْفَةٍ مخلوعٍ مثلِهِ.

وكَانَتْ دولتُهُ ثَمَانِي عَشْرَة سَنَةً (٥) .

وَبَقِيَ بَعْد عَزْله أَعْوَاماً إِلَى أَنْ مَاتَ لَيْلَةَ عيدِ الفِطْرِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ القَادِر وَكَبَّرَ خمساً،


= هـ بعهد منه.
وقد عظم شأنه، حتى إن القادر بالله لجأ إليه لما خاف من الطائع سنة / ٤٠٨ / هـ
أخباره في " الكامل ": ٩ / ٥٠ وما بعدها و٣٠٢ - ٣٠٣.
(١) " المنتظم ": ٧ / ١٥٧.
(٢) انظر الكتاب بأكمله في " المنتظم ": ٧ / ١٥٩ - ١٦٠.
(٣) " تاريخ الخلفاء ": ٤١١.
(٤) " الكامل ": ٩ / ٩٣.
(٥) في الأصل: كانت دولته ثمانيا وعشرين سنة، وهو وهم وما أثبتناه على وجه التقريب.
إذ أنه ولي الخلافة سنة / ٣٦٣ / هـ وخلع سنة / ٣٨١ / هـ وفي " تاريخ بغداد ": ١١ / ٧٩ " كانت مدة خلافته سبع عشرة سنة وتسعة أشهر وخمسة أيام ".