للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مِنَ الدِّين، وَإِدَامَةِ التهجُّدِ، وَكَثْرَةِ الصَّدقَاتِ عَلَى صفَةٍ اشتُهِرَتْ عَنْهُ.

وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي الأُصُوْلِ، ذَكَرَ فِيْهِ فضل (١) الصَّحَابَةِ، وَإِكفَارَ مَنْ قَالَ: بِخَلْقِ القُرْآنِ.

وَكَانَ ذَلِكَ الكِتَاب يُقرأُ فِي كُلِّ جُمُعَة فِي حَلْقَةِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَيحضُرُه النَّاسُ مُدَّة خِلاَفته، وَهِيَ إِحْدَى وَأَرْبَعُوْنَ سنَةً وَثَلاَثَة أَشهر (٢) .

قُلْتُ: قَامَ بِخِلاَفته بهَاءُ الدَّوْلَةِ كَمَا تقدَّم (٣) فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ، وَاسْتقدمُوهُ مِنَ البَطَائحِ فَجَهَّزَهُ أَمِيْرُهَا مهذِّبُ الدَّوْلَةِ عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ، وَحمَّله مِنَ الآلاَتِ وَالرخت بِمَا أَمكن، وَأَعطَاهُ طَيَّاراً (٤) فَلَمَّا قَدِمَ وَاسِطَ، أَتَاهُ الأَجْنَادُ، وَطَلَبُوا رسمَ البَيْعَة، وَهَاشُوا (٥) ، فوعدهُم بِالجَمِيْلِ، فرضُوا، فَكَانَ مُقَامُه بِالبَطيحَة أَزيدَ مِنْ سَنَتَيْنِ، فَقَدِمَ (٦) ، وَاسْتَكْتب أَبَا الفَضْل مُحَمَّد بن أَحْمَدَ عَارض الدَّيْلَم، وَجَعَلَ أُسْتَاذَ دَارِه عَبْد الوَاحِدِ الشِّيْرَازِيَّ وَحلفَ هُوَ وَبهَاء الدَّوْلَة كُلّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ ثُمَّ سَلْطنه (٧) .

وَذكر مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيُّ (٨) ، أَنَّ القَادِرَ كَانَ يَلْبَسُ زيَّ العَامَّةِ، وَيَقْصِدُ الأَمَاكنَ المُبَارَكَةَ (٩) . وَطلب مِنْ أَبِي الحَسَنِ بن القَزْوِيْنِيّ


(١) في " تاريخ بغداد ": ٤ / ٣٧ " فضائل ".
(٢) " تاريخ بغداد ": ٤ / ٣٧ - ٣٨.
(٣) انظر ص / ١٢٦ / من هذا الجزء.
(٤) نوع من السفن.
(٥) الهوشة: الفتنة والهيج والاضطراب، يقال: هاش القوم، من باب قال.
(٦) " المنتظم ": ٧ / ١٥٧.
(٧) " المنتظم ": ٧ / ١٦١.
(٨) جمع الهمذاني تاريخا في الملوك والدول..وكان رجلا فاضلا حسن المعرفة بالتواريخ وأخبار الدول والملوك والحوادث.
قال عنه ابن النجار: " به ختم هذا الفن ". توفي سنة / ٥٢١ / " الوافي بالوفيات ": ٤ / ٣٧ - ٣٨.
(٩) " المنتظم ": ٧ / ١٦١.