للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ القَائِمُ فِيْهِ خَيْرٌ وَاهتمَام بِالرَّعيَة، وَقضَاءٌ لِلْحَوَائِجِ.

وَقِيْلَ: أَنَّهُ لمَا بَقِيَ مُعتقلاً عِنْد العَرَبِ كتبَ قِصَّةً، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى بَيْتِ اللهِ مستَعْدِياً مِمَّن ظَلَمَهُ وَهِيَ: إِلَى اللهِ العَظِيْمِ مِنَ المِسْكِيْنِ عَبده: اللَّهُمَّ إِنَّك العَالِمُ بِالسَّرَائِر، المطَّلِعُ عَلَى الضَّمَائِر.

اللَّهُمَّ إِنَّك غَنِيٌ بِعِلْمِكَ وَاطِّلاعِكَ عليَّ عَنْ إِعلاَمِي، هَذَا عبدُكَ قَدْ كَفَر نِعَمَكَ وَمَا شَكَرهَا، أَطْغَاهُ حِلْمُكَ حَتَّى تعدَّى عَلَيْنَا بَغْياً.

اللَّهَّم قَلَّ النَّاصِر وَاعتزَّ الظَالِمُ، وَأَنْتَ المطَّلِعُ الحَاكِم، بِكَ نعتز عَلَيْهِ، وَإِليك نهرُب مَنْ يَدَيْهِ، فَقَدْ حَاكَمْنَاهُ (١) إِلَيْكَ، وَتوكلْنَا فِي إِنصَافِنَا مِنْهُ عَلَيْكَ، وَرفَعْنَا ظُلاَمَتَنَا إِلَى حَرَمك، وَوثِقْنَا فِي كَشْفهَا بكَرَمِك.

فَاحكمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الحَاكمِين (٢) .

وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ طُغْرُلْبَك، فَإِنَّهُ ظَفِرَ بِأَخِيْهِ وَقَتَله (٣) .

ثُمَّ كَاتِب مُتَوَلِّي عَانَة (٤) فِي أَنْ يَرُدَّ القَائِمَ إِلَى مَقرِّ عزّه (٥) .

وَقِيْلَ: إِنَّ البَسَاسِيرِيَّ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ لَمَّا بَلَغَه السُّلْطَان طُغْرُلْبَك، فَحَصَّلَ القَائِمَ فِي مقرّ دَوْلته فِي الخَامِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ (٦) .

ثمَّ جهَّز طُغْرُلْبَك عَسْكَراً قَاتلُوا البَسَاسِيرِيَّ فَقُتل وَطيف بِرَأْسِهِ (٧) .

فكَانَتِ الخُطْبَة لِلْمستنصر بِبَغْدَادَ سنَةً كَامِلَة.


(١) في الأصل: حاكمنا.
(٢) " المنتظم ": ٨ / ١٩٥ - ١٩٦.
(٣) " المنتظم ": ٨ / ٢٠٢.
(٤) بلد مشهور بين الرقة وهيت، يعد في أعمال الجزيرة، وهي مشرفة على الفرات قرب حديثة النورة، وفيها قلعة حصينة.
" معجم البلدان ": ٤ / ٧٢.
(٥) " المنتظم ": ٨ / ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٦) " المنتظم ": ٨ / ٢٠٨.
(٧) " المنتظم ": ٨ / ٢١٠.